أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٢٨٤
تركهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وقال الشافعى لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما قال أبو بكر قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم يقتضى قتل سائر المشركين فمن الناس من يقول إن عمومه مقصور على عبدة الأوثان دون أهل الكتاب والمجوس لأن اللّه تعالى قد فرق في اللفظ بين المشركين وبين أهل الكتاب والمجوس بقوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا فعطف بالمشركين على هذه الأصناف فدل ذلك على أن إطلاق هذا اللفظ يختص بعبدة الأوثان وإن كان الجميع من النصارى والمجوس والصابئين المشركين وذلك لأن النصارى قد أشركت بعبادة اللّه وعبادة المسيح والمجوس مشركون من حيث جعلوا للّه ندا مغالبا والصابئون فريقان أحدهما عبدة الأوثان والآخر لا يعبدون الأوثان ولكنهم مشركون في وجوه أخر إلا أن إطلاق لفظ المشرك يتناول عبدة الأوثان فلم يوجب قوله تعالى فاقتلوا المشركين إلا قتل عبدة الأوثان دون غيرهم وقال آخرون لما كان معنى الشرك موجودا في مقالات هذه الفرق من النصارى والمجوس والصابئين فقد انتظمهم اللفظ ولو لا ورود آية التخصيص في أهل الكتاب خصوا من الجملة ومن عداهم محمولون على حكم الآية عربا كانوا أو عجما ولم يختلفوا في جواز إقرار المجوس بالجزية وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك أخبار وروى سفيان بن عيينة عن عمرو أنه سمع مجالدا يقول لم يكن عمر بن الخطاب يأخذ الجزية من المجوس حتى
شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ الجزية من مجوس هجر
وروى مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر ذكر المجوس فقال ما أدرى كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب
وروى يحيى بن آدم عن المسعودي عن قتادة عن أبى مجلز قال كتب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المنذر أنه من استقبل قبلتنا وصلّى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة اللّه وذمة رسوله ومن أحب ذلك من المجوس فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية
وروى قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كتب إلى مجوس البحرين يدعوهم إلى الإسلام فمن أسلم منهم قبل منه ومن أبى ضربت عليه الجزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة
وروى الطحاوي عن بكار بن قتيبة قال حدثنا عبد الرحمن ابن عمران قال حدثنا عوف كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن أرطاة أما بعد فاسئل


الصفحة التالية
Icon