أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٣٨٥
لأن الهم بالشيء مقاربته من غير مواقعة والدليل على أن هم يوسف بها لم يكن من جهة العزيمة وإنما كان من جهة دواعي الشهوة قوله معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى
وقوله كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين فكان ذلك إخبارا ببراءة ساحته من العزيمة على المعصية وقيل إن ذلك على التقديم والتأخير ومعناه لو لا أن رأى برهان ربه هم بها وذلك لأن جواب لو لا لا يجوز أن يتقدمه لأنهم لا يجيزون أن نقول قد أتيتك لو لا زيد وجائز أن يكون على تقديره تقديم لو لا قوله تعالى لو لا أن راى برهان ربه قال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد رأى صورة يعقوب عاضا على أنامله وقال قتادة نودي يا يوسف أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء وروى عن ابن عباس أنه رأى الملك وقال محمد بن كعب هو ما علمه من الدلالة على عقاب الزنا
قوله تعالى وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل الآية روى عن ابن عباس وأبى هريرة وسعيد بن جبير وهلال بن يسار أنه صبي في المهد وروى عن ابن عباس أيضا والحسن وابن أبى مليكة وعكرمة قالوا هو رجل وقال عكرمة إن الملك لما رأى يوسف مشقوق القميص على الباب قال ذلك لابن عم له فقال إن كان قميصه قد من قبل فإنه طلبها فامتنعت منه وإن كان من دبر فإنه فر منها وطلبته ومن الناس من يحتج بهذه الآية في الحكم بالعلامة في اللقطة إذا ادعاها مدع ووصفها وقد اختلف الفقهاء في مدعى اللقطة إذا وصف علامات فيها فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد والشافعى لا يستحقها بالعلامة حتى يقيم البينة ولا يجبر الملتقط على دفعها إليه بالعلامة ويسعه أن يدفعها وإن لم يجبر عليه في القضاء وقال ابن القاسم في قياس قول مالك يستحقها بالعلامة ويجبر على دفعها إليه فإن جاء مستحق فاستحقها ببينة لم يضمن الملتقط شيئا وقال مالك وكذلك اللصوص إذا وجد معهم أمتعة فجاء قوم فادعوها وليست لهم بينة أن السلطان يتلوم في ذلك فإن لم يأت غيرهم دفعه إليهم وكذلك الآبق وقال الحسن بن حي يدفعها إليه بالعلامة وقال أصحابنا في اللقيط إذا ادعاه رجلان ووصف أحدهما علامة في جسده إنه أولى من الآخر وقال أبو حنيفة ومحمد في متاع البيت إذا اختلف فيه الرجل والمرأة إن ما يكون للرجال فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة وما كان للرجل والمرأة فهو للرجل فحكموا فيه بظاهر هيئة المتاع وقالوا في المستأجر والمؤاجر إذا اختلفا في مصراع


الصفحة التالية
Icon