أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ١٥٩
رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها وهن البغايا كن ينصبن رايات على أبوابهن يكن علما فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت فوضعت حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتقطه ودعاه ابنه لا يمتنع من ذلك فلما بعث اللّه النبي محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم فمعنى
قوله صلّى اللّه عليه وسلّم الولد للفراش
أن الأنساب قد كانت تلحق بالنطف في الجاهلية بغير فراش فألحقها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالفراش وكذلك ما
روى في قصة زمعة حين قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الولد للفراش وللعاهر الحجر
فلم يلحقه بالزاني وقال هو للفراش إخبارا منه أنه لا ولد للزاني ورده إلى عبد إذ كان ابن أمة أبيه ثم قال لسودة احتجبى منه إذ كان سببها بالمدعى له لأنه في ظاهره من ماء أخى سعد وهذا يدل على أنه لم يقض في نسبه بشيء ولو كان قضى بالنسب لما أمرها بالاحتجاب بل كان أمرها بصلته ونهاها عن الاحتجاب عنه كما نهى عائشة عن الاحتجاب عن عمها من الرضاعة وهو أفلح أخو أبى القعيس ويدل على أنه لم يقض في نسبه بشي ء
ما رواه سفيان الثوري وجرير عن منصور عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن عبد اللّه بن الزبير قال كانت لزمعة جارية تبطنها وكانت تظن برجل آخر فمات زمعة وهي حبلى فولدت غلاما كان يشبه الرجل الذي يظن بها فذكرته سودة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال أما الميراث له وأما أنت فاحتجبى منه فإنه ليس لك بأخ
فصرح في هذا الخبر بنفي نسبه من زمعة وإعطاء الميراث بإقرار عبد أنه أخوه وقد روى هذا الحديث على غير هذا الوجه وهو
ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن منصور ومسدد بن مسرهد قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت اختصم سعد بن أبى وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في ابن أمة زمعة فقال سعد أوصانى أخى عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابنه وقال عبد بن زمعة أخى ابن أمة أبى ولد على فراش أبى فرأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شبها بينا بعتبة فقال الولد للفراش واحتجبى منه يا سودة زاد مسدد فقال هو أخوك يا عبد
قال أبو بكر الصحيح ما رواه سعيد بن منصور والزيادة التي زادها مسدد ما نعلم أحدا وافقه عليها وقد روى في بعض الألفاظ أنه قال هو لك يا عبد ولا يدل ذلك على أنه أثبت النسب لأنه جائز أن يريد به إثبات اليد له إذ كان من يستحق يدا في شيء جاز أن يضاف إليه فيقال هو له وقد قال عبد اللّه بن رواحة


الصفحة التالية
Icon