أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ١٧٣
ذلك جاز للأجنبى أن ينظر من المرأة إلى وجهها ويديها بغير شهوة فإن كان يشتهيها إذا نظر إليها جاز ان ينظر لعذر مثل أن يريد تزويجها أو الشهادة عليها أو حاكم يريد أن يسمع إقرارها ويدل على أنه لا يجوز له النظر إلى الوجه لشهوة
قوله صلّى اللّه عليه وسلّم لعلى لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة
وسأل جرير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن نظرة الفجاءة فقال اصرف بصرك
ولم يفرق بين الوجه وغيره فدل على أنه أراد النظرة بشهوة وإنما قال لك الأولى لأنها ضرورة وليس لك الآخرة لأنها اختيار وإنما أباحوا النظر إلى الوجه والكفين وإن خاف أن يشتهى لما ذكرنا من الأعذار للآثار الواردة في ذلك منها ما
روى أبو هريرة أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا يعنى الصغر
وروى جابر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خطب أحدكم فقدر على أن يرى منها ما يعجبه ويدعوه إليها فليفعل
وروى موسى بن عبد اللّه ابن يزيد عن أبى حميد وقد رأى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه ان ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة
وروى سليمان بن أبى حثمة عن محمد بن سلمة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم مثله وروى عاصم الأحول عن بكير بن عبد اللّه عن المغيرة بن شعبة قال خطبنا امرأة فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نظرت إليها فقلت لا فقال انظر فإنه لأجدر أن يؤدم بينكما
فهذا كله يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها بشهوة إذا أراد أن يتزوجها ويدل عليه أيضا قوله لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن ويدل على أن النظر إلى وجهها بشهوة محظور
قوله صلّى اللّه عليه وسلّم العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان
ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه وقول ابن مسعود في أن ما ظهر منها هو الثياب لا معنى له لأنه معلوم أنه ذكر الزينة والمراد العضو الذي عليه الزينة ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لا بستها فعلمنا أن المراد موضع الزينة كما قال في نسق التلاوة بعد هذا وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ والمراد موضع الزينة فتأويلها على الثياب لا معنى له إذ كان ما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها كما يراها إذا لم تكن لا بستها قوله تعالى وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ روت صفية بنت شيبة عن عائشة أنها قالت نعم النساء نساء الأنصار لم يكن