أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢١٥
إلى لغة أخرى لا يخرجه من أن يكون قرآنا لإطلاق اللفظ بأنه في زبر الأولين مع كونه فيها بغير اللغة العربية وقوله تعالى وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ روى سفيان عن سلمة بن كهيل عن مجاهد في قوله وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال عصاة الجن وروى خصيف عن مجاهد وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال الشاعران يتهاجيان فيكون لهذا أتباع ولهذا أتباع من الغواة فذم اللّه الشعراء الذين صفتهم ما ذكروهم الذين في كل واد يهيمون يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ وشبهه بالهائم على وجهه في كل واد يعن له لما يغلب عليه من الهوى غير مفكر في صحة ما يقول ولا فساده ولا في عاقبة أمره وقال ابن عباس وقتادة فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ في كل لغو يخوضون يمدحون ويذمون يعنون الأباطيل وروى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا
ومعناه الشعر المذموم الذي ذم اللّه قائله في هذه الآية لأنه قد استثنى المؤمنين منهم بقوله إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وروى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال لحسان اهجهم ومعك روح القدس
وذلك موافق لقوله وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا كقوله تعالى وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ وقوله لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وروى أبى بن كعب وعبد اللّه بن مسعود أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال إن من الشعر لحكمة آخر سورة الشعر
. سورة القصص
قوله تعالى إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ من الناس من يحتج بذلك في جواز عقد النكاح على منافع الحر وليس فيه دلالة على ما ذكروا لأنه شرط منافعه لشعيب عليه السلام ولم يشرط لها مهرا فهو بمنزلة من تزوج امرأة بغير مهر مسمى وشرط لوليها منافع الزوج مدة معلومة فهذا إنما يدل على جواز عقد من غير تسمية مهر وشرطه للمولى ذلك يدل على أن عقد النكاح لا تفسده الشروط التي لا يوجبها العقد وجائز أن يكون قد كان النكاح جائزا في تلك الشريعة بغير بدل تستحقه المرأة فإن كان كذلك فهذا منسوخ بشريعة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ويدل على أنه قد كان جائزا في تلك الشريعة أن يشرط للولي منفعة ويحتج به في جواز الزيادة في العقود لقوله تعالى فَإِنْ