أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٣٦
إنما الملك يتضمن فيما يوقع طلاقه أو عتقه فأما في غيرهما فهو محمول على حكم اللفظ من غير تضمين له بوقوع ملك ولا غيره وقوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ قد بينا في سورة البقرة أن الخلوة مرادة بالمسيس وإن نفى العدة متعلق بنفي الخلوة والجماع جميعا وفيما قدمنا ما يغنى عن الإعادة وقوله تعالى فَمَتِّعُوهُنَّ إن كان من لم يسم لها مهرا فهو على الوجوب كقوله تعالى أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ وإن كان المراد المدخول بها فهو ندب غير واجب وقد حدثنا عبد اللّه بن محمد بن إسحاق قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها الآية قال التي نكحت ولم يبين لها ولم يفرض لها فليس لها صداق وليس عدة وقال قتادة عن سعيد هي منسوخة بقوله في البقرة فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ وقوله تعالى وَسَرِّحُوهُنَّ بعد ذكر الطلاق قبل الدخول يشبه أن يكون المراد به إخراجها من بيته أو من حباله لأنه مذكور بعد الطلاق فالأظهر أن هذا التسريح ليس بطلاق ولكنه بيان أنه لا سبيل له عليها وأن عليه تخليتها من يده وحباله وباللّه التوفيق.

باب ما أحل اللّه تعالى لرسوله من النساء


قال اللّه تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ الآية قال أبو بكر قد انتظمت الآية ضروب النكاح الذي أباحه اللّه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم فمنها قوله اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ يعنى من تزوج منهن بمهر مسمى وأعطاهن ومنها ما ملكت اليمين بقوله وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ مثل ريحانة وصفية وجويرية ثم أعتقهما وتزوجهما وذلك مما أفاء اللّه عليه من الغنيمة وذكر تعالى بعد ذلك ما أحل له من أقاربه فقال وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ ثم ذكر ما أحل له من النساء بغير مهر فقال وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ وأخبر أنه مخصوص بذلك دون أمته وأنه وأمته سواء فيمن تقدم ذكرهن وقوله تعالى اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ قال أبو يوسف لا دلالة فيه على أن اللاتي لم يهاجرن كن محرمات عليه وهذا يدل على أنه لم يكن يرى أن المخصوص بالذكر يدل على أن ما عداه بخلافه وروى داود بن أبى هند عن محمد بن أبى موسى عن زياد عن أبى بن كعب قال قلت له أرأيت لو هلك نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أكان له أن ينكح قال وما


الصفحة التالية
Icon