أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٤٣
المرأة لآخر أزواجها ولذلك حرم اللّه على أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتزوجن بعده وروى حميد الطويل عن أنس قال سألت أم حبيبة زوج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم المرأة منا يكون لها زوجان فتموت فتدخل الجنة هي وزوجها لأيهما تكون قال يا أم حبيبة لأحسنهما خلقا كان معها في الدنيا فتكون زوجته في الجنة يا أم حبيبة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة
قوله تعالى لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ الآية قال قتادة رخص لهؤلاء أن لا يجتنبن منهم قال أبو بكر ذكر ذوى المحارم منهن وذكر نساءهن والمعنى واللّه أعلم الحرائر ولا ما ملكت أيمانهن يعنى الإماء لأن العبد والحر لا يختلفان فيما يباح لهم من النظر إلى النساء
قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً الصلاة من اللّه هي الرحمة ومن العباد الدعاء وقد تقدم ذكره وروى عن أبى العالية إن اللّه وملائكته يصلون على النبي قال صلاة اللّه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة عليه بالدعاء قال أبو بكر يعنى واللّه أعلم إخبار اللّه الملائكة برحمته لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم وتمام نعمه عليه فهو معنى قوله صلاته عند الملائكة وروى عن الحسن هو الذي يصلى عليكم وملائكته إن بنى إسرائيل سألوا موسى عليه السلام هل يصلى ربك فكان ذلك كبر في صدره فأوحى اللّه إليه أن أخبرهم أنى أصلى وإن صلاتي إن رحمتي سبقت غضبى وقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ قد تضمن الأمر بالصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وظاهره يقتضى الوجوب وهو فرض عندنا فمتى فعلها الإنسان مرة واحدة في صلاة أو غير صلاة فقد أدى فرضه وهو مثل كلمة التوحيد والتصديق بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم متى فعله الإنسان مرة واحدة في عمره فقد أدى فرضه وزعم الشافعى أن الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فرض في الصلاة وهذا قول لم يسبقه إليه أحد من أهل العلم فيما نعلمه وهو خلاف الآثار الواردة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لفرضها في الصلاة منها
حديث ابن مسعود حين علمه التشهد فقال إذا فعلت هذا أو قلت هذا فقد تمت صلاتك فإن شئت أن تقوم فقم
وقوله ثم اختر من أطيب الكلام ما شئت
وحديث ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رفع الرجل رأسه من آخر سجدة وقعد فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته
وحديث معاوية بن الحكم السلمى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن
ولم يذكر الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة في شرح مختصر الطحاوي


الصفحة التالية
Icon