أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٨٧
عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلى بن أبى طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع فلما نزل بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقام بها شهرا وصالح فيها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ووادعهم فقال لي على رضى اللّه عنه هل لك أن تأتى هؤلاء من بنى مدلج يعملون في عير لهم ننظر كيف يعملون فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض فنمنا فما أنبهنا إلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقدمه فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعلى يا أبا تراب لما عليه من التراب فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال ألا أخبركم بأشقى رجلين قلنا من هما يا رسول اللّه قال أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا على على هذا ووضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على رأسه حتى تبل منه هذه ووضع يده على لحيته
وقال سهل بن سعد ما كان اسم أحب إلى على رضى اللّه عنه أن يدعى به من أبى تراب فمثل هذا لا يكره إذ ليس فيه ذم ولا يكرهه صاحبه
وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إبراهيم بن مهدى قال حدثنا شريك عن عاصم عن أنس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يا ذا الأذنين وقد غير النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أسماء قوم فسمى العاص عبد اللّه وسمى شهابا هشاما وسمى حربا سلما
وفي جميع ذلك دليل على أن المنهي من الألقاب ما ذكرنا دون غيره وقد روى أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا يعنى الصغر
قال أبو بكر فلم يكن ذلك غيبة لأنه لم يرد به ذم المذكور ولا غيبته وقوله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ اقتضت الآية النهى عن بعض الظن لا عن جميعه لأن قوله كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ يقتضى البعض وعقبه بقوله إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ فدل على أنه لم ينه عن جميعه وقال في آية أخرى إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً وقال وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً فالظن على أربعة أضرب محظور ومأمور به ومندوب إليه ومباح فإن الظن المحظور فهو سوء الظن باللّه تعالى
حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا معاذ بن المثنى ومحمد ابن حبان التمار قالا حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل موته بثلاث يقول لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن باللّه عز وجل
وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أبو سعيد يحيى بن منصور الهروي قال حدثنا سويد بن نصر قال حدثنا ابن المبارك عن هشام بن الغازي عن حبان بن أبى