أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٢٩٣
صلاة الليل قال أبو بكر يجوز أن يريد صلاة المغرب والعتمة وقوله تعالى وَأَدْبارَ السُّجُودِ
قال على وعمر والحسن بن على وابن عباس والحسن البصري ومجاهد والنخعي والشعبي وَأَدْبارَ السُّجُودِ ركعتان بعد المغرب وَإِدْبارَ النُّجُومِ ركعتان قبل الفجر
وعن ابن عباس مثله وعن مجاهد عن ابن عباس وَأَدْبارَ السُّجُودِ إذا وضعت جبهتك على الأرض أن تسبح ثلاثا قال أبو بكر اتفق من ذكرنا قوله بديا أن قوله وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ أراد به الصلاة وكذلك وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ هو صلاة الليل وهي العتمة والمغرب فوجب أن يكون قوله وَأَدْبارَ السُّجُودِ هو الصلاة لأن فيه ضمير فسبحه وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم التسبيح في دبر كل صلاة
ولم يذكر أنه تفسير الآية وروى محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح عن زيد بن ثابت قال أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فأتى رجل من الأنصار في المنام فقال أمركم محمد صلّى اللّه عليه وسلّم أن تسبحوا في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وتحمدوا ثلاثا وثلاثين وتكبروا أربعا وثلاثين فلو جعلتموها خمسا وعشرين خمسا وعشرين فاجعلوا فيها التهليل فذكر ذلك للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال افعلوا
وروى سمى عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قالوا يا رسول اللّه ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم قال كيف ذاك قالوا صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال فقال أنا أخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم وتسبقون به من بعدكم لا يأتى أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله تسبحون اللّه في دبر كل صلاة عشرا وتحمدون اللّه عشرا وتكبرون عشرا وروى نحوه عن أبى ذر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلا أنه قال تسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وتحمد ثلاثا وثلاثين وتكبر أربعا وثلاثين وروى كعب بن عجرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه وقال وتكبر أربعا وثلاثين
وروى أبو هارون العبدى عن أبى سعيد الخدري قال سمعت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في آخر صلاته عند انصرافه سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين
قال أبو بكر فإن حمل معنى الآية على الوجوب كان قوله وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ على صلاة الفجر وَقَبْلَ الْغُرُوبِ على صلاة الظهر والعصر وكذلك روى عن الحسن وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ صلاة العتمة والمغرب فتكون الآية منتظمة للصلوات الخمس وعبر عن الصلاة بالتسبيح لأن التسبيح تنزيه للّه عما لا يليق