أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٣٠٩
عموما في سائر من أوقع التشبيه بظهرها من سائر ذوات المحارم وأيضا فإن ذلك يدل على صحة الظهار من سائر ذوات المحارم لأنه قد نبه على المعنى الذي من أجله ألزمه حكم الظهار وهو قوله ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً فأخبر أنه ألزمهم هذا الحكم لأنهن لسن بأمهاتهم وإن قولهم هذا منكر من القول وزور فاقتضى ذلك إيجاب هذا الحكم في الظهار بسائر ذوات المحارم لأنه إذا ظاهر بأجنبية فليست هي أخته ولا ذات محرم منه وهذا القول منكر من القول وزورا لأنه يملك بضع امرأته وهي مباحة له وذوات المحارم محرمات عليه تحريما مؤبدا فإن قيل يلزمك على هذا إيجاب الظهار بالأجنبية لعموم الآية ولدلالة فحواها على جواز الظهار بسائر ذوات المحارم إذ لم تفرق الآية بين شيء منهن ولأن تشبيهها بالأجنبية منكر من القول وزور قيل له لا يجب ذلك لأن الأجنبية لما كانت قد تحل له بحال لم يكن قوله أنت على كظهر الأجنبية مفيدا للتحريم في سائر الأوقات لجواز أن يملك بضع الأجنبية فتكون مثلها وفي حكمها وأيضا لا خلاف أن التحريم بالأمتعة وسائر الأموال لا يصح بأن يقول أنت على كمتاع فلان أو ولا كمال فلان لأن ذلك قد يملكه بحال فيستبيحه واختلفوا في الظهار بغير الظهر فقال أصحابنا إذا قال أنت على كيد أمى أو كرأسها أو ذكر شيئا يحل له النظر إليه منها لم يكن مظاهرا وإن قال كبطنها أو كفخذها ونحو ذلك كان مظاهرا لأنه لا يحل له النظر إليه كالظهر وقال ابن القاسم قياس قول مالك أن يكون مظاهرا بكل شيء من الأم وقال الثوري والشافعى إذا قال أنت على كرأس أمى أو كيدها فهو مظاهر لأن التلذذ بذلك منها محرم قال أبو بكر نص اللّه تعالى على حكم الظهار وهو أن يقول أنت على كظهر أمى والظهر مما لا يستبيح النظر إليه فوجب أن يكون سائر ما لا يستبيح النظر
إليه في حكمه وما يجوز له أن يستبيح النظر إليه فليس فيه دلالة على تحريم الزوجة بتشبيهها به إذ ليس تحريمها من الأم مطلقا فوجب أن لا يصح الظهار به إذ كان الظهار يوجب تحريما وأيضا لما جاز له استباحة النظر إلى هذه الأعضاء أشبه سائر الأشياء التي يجوز أن يستبيح النظر إليها مثل الأموال والأملاك واختلفوا فيما يحرمه الظهار فقال الحسن للمظاهر أن يجامع فيما دون الفرج وقال عطاء يجوز أن يقبل أو يباشر لأنه قال مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا وقال الزهري وقتادة


الصفحة التالية
Icon