أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٣٤٤
قوله تعالى وَتَرَكُوكَ قائِماً يدل على أن الخطبة قائما روى الأعمش عن إبراهيم أن رجلا سأل علقمة أكان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب قائما أو قاعدا فقال ألست تقرأ القرآن وَتَرَكُوكَ قائِماً وروى حصين عن سالم عن جابر قال قدمت عير من الشام يوم الجمعة ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب فانصرف الناس ينظرون وبقي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في اثنى عشر رجلا فنزلت الآية وَتَرَكُوكَ قائِماً وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يخطب فجاءت عير فخرج الناس إليها حتى بقي اثنى عشر رجلا فنزلت هذه الآية قال أبو بكر اختلف ابن فضيل وابن إدريس في الحديث الأول عن حصين فذكر ابن فضيل أنه قال كنا نصلى مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وذكر ابن إدريس أنه قال كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب ويحتمل أن يريد بقوله نصلى أنهم قد حضروا للصلاة منتظرين لها لأن من ينتظر الصلاة فهو في الصلاة وحدثنا عبد اللّه بن محمد قال حدثنا الحسن قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الحسن في قوله تعالى انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قال إن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء سعر فقدمت عير والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة فسمعوا بها فخرجوا إليها والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم قائم كما هو قال اللّه تعالى وَتَرَكُوكَ قائِماً
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لو اتبع آخرهم أولهم لا لتهب الوادي عليهم نارا
آخر سورة الجمعة.
سورة المنافقين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال اللّه تعالى إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ- إلى قوله- اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال أبو بكر هذا يدل على أن قوله أشهد يمين لأن القوم قالوا نشهد فجعله اللّه يمينا بقوله اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال أصحابنا والثوري والأوزاعى أشهد وأقسم وأعزم وأحلف كلها أيمان وقال زفر إذا قال أقسم لأفعلن فهو يمين ولو قال أشهد لأفعلن لم يكن يمينا وقال مالك إن أراد بقوله أقسم أى أقسم باللّه فهو يمين وإلا فلا شيء وكذلك أحلف قال ولو قال أعزم لم يكن يمينا إلا أن يقول أعزم باللّه ولو قال على نذر أو قال نذر للّه فهو على ما نوى وإن لم تكن له نية فكفارته كفارة يمين وقال الشافعى أقسم ليس بيمين وأقسم باللّه يمين إن أرادها وإن أراد الموعد فليست بيمين وأشهد باللّه إن نوى اليمين فيمين وإن لم ينو يمينا فليست