أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٧٨
وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا العباس بن الوليد البزاز قال حدثنا خلف بن هشام قال حدثنا حماد بن زيد عن الحجاج عن مكحول أن عمر بن الخطاب قال في شاهد الزور يضرب ظهره ويحلق رأسه ويسخم وجهه ويطال حبسه
قوله تعالى ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ قال أهل اللغة الشعائر جمع شعيرة هي العلامة التي تشعر بما جعلت له وإشعار البدن هو أن تعلمها بما يشعر أنها هدى فقيل على هذا إن الشعائر علامات مناسك الحج كلها منها رمى الجمار والسعى بين الصفا والمروة وروى حبيب المعلم عن عطاء أنه سئل عن شعائر اللّه فقال حرمات اللّه اتباع طاعته واجتناب معصيته فذلك شعائر اللّه وروى شريك عن جابر عن عطاء وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ قال استسمانها واستعظامها وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ قال في الاستحسان والاستسمان والاستعظام وعن عكرمة مثله وكذلك قول مجاهد وقال الحسن شعائر اللّه دين اللّه قال أبو بكر يجوز أن تكون هذه الوجوه كلها مرادة بالآية لاحتمالها لها.
باب في ركوب البدنة
قال اللّه عز وجل لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد وقتادة لكم فيها منافع في ألبانها وظهورها وأصوافها إلى أن تسمى بدنا ثم محلها إلى البيت العتيق وعن محمد بن كعب القرظي مثله وقال عطاء إنه ينتفع بها إلى أن تنحر وهو قول عروة بن الزبير قال أبو بكر فاتفق ابن عباس ومن تابعه على أن قوله إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أريد به إلى أن تصير بدنا فذلك هو الأجل المسمى وكرهوا بعد ذلك أن تركب وقال عطاء ومن واقفه يركبها بعد أن تصير بدنة وقال عروة بن الزبير يركبها غير فادح لها ويحلبها عن فضل ولدها وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في ذلك أخبار يحتج بها من أباح ركوبها
فروى أبو هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلا يسوق بدنة فقال له ويحك اركبها فقال إنها بدنة فقال ويحك اركبها
وروى شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم نحو ذلك وهذا عندنا إنما أباحه لضرورة علمه من حاجة الرجل إليها وقد بين ذلك في أخبار أخر منها
ما روى إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس قال مر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم برجل يسوق بدنة وهو يمشى وقد بلغ منه فقال اركبها قال إنها بدنة قال اركبها
وسئل جابر عن ركوب الهدى