الثاني :- إن المقسم به قد يكون شيئا أرضيا مما يحيط بالإنسان ويتعايش به ومعه، ويقسم الله تعالى به لما فيه من منافع وفوائد، كالتين، والزيتون، والبحر المسجور، والأرض وما طحاها
الثالث :- أن يكون المقسم به شيئا ذاتيا للإنسان، وذلك كالنفس البشرية التي أقسم الله تعالى بها في قوله :(ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها ) (١)، وقوله تعالى :(ولا أقسم بالنفس اللوامة ) (٢). ولا شك أن القسم بهذه الأشياء يفتح للباحثين مجالا كبيرا في المباحث الفكرية، والنفسية، والاجتماعية (٣)
الركن الثالث : جواب القسم أو المقسم عليه :-
الغالب في المقسم عليه أن يكون في الكلام، لأنه المقصود بالتحقيق، وقد يحذف كما يحذف جواب (لو)، إما : للعلم به، أو لتذهب النفس فيه كل مذهب. كما في مثل قوله تعالى :(كلا لو تعلمون علم اليقين ) (٤)، فجواب لو محذوف، تقديره : لو تعلمون علم اليقين عاقبة التفاخر ما اشتغلتم به. وهذه عادة العرب في كلامهم إذا رأوا أموراً عجيبةً، وأرادوا أن يخبروا بها الغائب عنها.
وأكثر ما يحذف جواب القسم : إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه، فإن المقصود يحصل بذكره (أي المقسم به)، فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز، كما في قوله تعالى :(ص. والقرآن ذي الذكر) (٥)، فإن في المقسم به من تعظيم القرآن، ووصفه بأنه ذو الشرف، والقدر، ما يدل على المقسم عليه، وهو كونه حقا من عند الله غير مفترى، وتقدير الجواب : إن الفرقان لحق. وهذا يطرد في كل ما شابه ذلك، كقوله تعالى :(ق والقرآن المجيد) (٦)،

(١) -– سورة الشمس : آية /٧.
(٢) - – سورة الليل : آية /٣.
(٣) - انظر : د. سمير عبد العزيز شيلوة : الكشف والبيان، ص ٢٩٣. ود. عبد ربه فرحات : تفسير سورة النجم، دراسة تحليلية، موضوعية، ص ٤٣-٤٤.
(٤) - سورة التكاثر : آية /٥.
(٥) - سورة صّ : آية/١.
(٦) - سورة ق : آية/١.


الصفحة التالية
Icon