أسلوب القسم في اللغة، طريق من طرق توكيد الكلام، وإبراز معانيه ومقاصده على النحو الذي يريده المتكلم، إذ يؤتى به لدفع إنكار المنكرين، أو إزالة شك الشاكين. والقسم من المؤكدات المشهورة التي تمكن الشيئ في النفس وتقويه، ومعلوم أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب، وعلى أسلوب كلامهم، ومناحي خطابهم، وكان من عادتهم أنهم إذا قصدوا توكيد الأخبار وتقريرها، جاءوا بالقسم، وعلى هذا جاءت في القرآن الكريم أقسام متنوعة، في مواضيع شتى، لتوكيد ما يحتاج إلى التوكيد.
والأقسام التي جاء بها القرآن الكريم على ضربين :
الضرب الأول :- ما ورد على طريق الحكاية، في ضمن ما قصه القرآن من قصص المخلوقين، كقوله تعالى حكاية لقول إبراهيم – عليه السلام – لقومه :- ( تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) (١) وكقوله سبحانه مخبرا عما كان يقوله كفار مكة، قبل بعثة المصطفى – عليه الصلاة والسلام – ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم ) (٢).
وهذا الضرب من القسم كثير في القرآن، وليس من غرضي أن أخوض فيه في هذا البحث.
الضرب الثاني : ما أقسم الله تعالى به، وهذا على نوعين :
النوع الأول : القسم المضمر، وهو القسم المحذوف، المدلول عليه بجوابه المقرون باللام،
كقوله تعالى :( لتبلون في أموالكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) (٣) تقديره : والله لتبلون ولتسمعن، بدلالة الجواب المقرون باللام.

(١) - سورة الأنبياء : آية / ٥٧.
(٢) - سورة فاطر : آية /٤٢.
(٣) - سورة آل عمران : آية / ١٨٦.


الصفحة التالية
Icon