مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب الحديث
فقوله وقارئه مبتدأ والمرضي صفته وأراد به تفسير المؤمن المذكور في هذا الحديث لأنه ليس المراد به أصل الإيمان بل أصله ووصفه
وفي كتاب الترمذي من حديث صهيب رضي الله عنه عن النبي ﷺ ما آمن بالقرآن من استحل محارمه
والجملة من قوله قر مثاله هي خبر المبتدإ وقر بمعنى استقر أي استقر مثاله مشابها للأترج ويجوز أن يكون المرضي خبر المبتدإ أي لا يعد قارئا للقرآن إلا من كان مرضي الطريقة ثم استأنف جملة فعلية فقال قر مثاله كالأترج ويجوز أن يكون قر وحده هو خبر المبتدإ وفيه ضمير عائد على القارئ أي قرت عينه أو استقر أمره بنيل درجات الأبرار ثم استأنف جملة اسمية بقوله مثاله كالأترج فقوله كالأترج خبر مثاله وعلى هذا يجوز أن يكون قر دعاء كما تقول زيد العاقل أقر الله عينه
والأترج بتشديد الجيم والأترنج بالنون لغتان وكلاهما مستقيم في وزن البيت وإنما اختار لغة التشديد للفظ الحديث وحاليه بدل اشتمال من الأترج ومريحا وموكلا حالان من الأترج يقال أراح الطيب إذا أعطى الرائحة وآكل الزرع وغيره إذا أطعم والله أعلم
٨ [ هو المرتضى أما إذا كان أمه % ويممه ظل الرزانة قنقلا ] (١)

__________
١- فسر بهذا البيت ما عناه بقوله المرضي فقوله هو ضمير القارئ المرضي أو ضمير القارئ مع الإعراض عن وصفه بالمرضي لأنه أغنى عنه قوله المرتضي أما إلى آخر البيت
ويجوز أن يكون هو المرتضى خبر قوله وقارئه المرضي وما بينهما من قوله قر مثاله آخر البيت اعتراض وإما تمييز ومعناه القصد أي هو المرتضى قصده تيمنابه وانتفاعا بعلمه وكان بمعنى صار ويقال للرجل الجامع للخير أمة كأنه قام مقام جماعات لأنه اجتمع فيه ما تفرق فيهم من المصالح ومنه قوله تعالى ﴿ إن إبراهيم كان أمة ﴾
وقوله ويممه أي قصده والرزانة الوقار وقد رزن الرجل بالضم فهو رزين أي وقور ثابت واستعار للرزانة ظلا إشارة إلى شمول الوقار له واستراحته في ظله وأمنه من تخليط الناقص من عقله وجعل الرزانة هي التي تقصده كأنها تفتخر به وتتزين بأن تظله لكثرة خلال الخير فيه مبالغة في مدحه وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول ﷺ من جمع القرآن متعه الله بعقله حتى يموت
وعن عبد الملك بن عمير قال كان يقال إن أبقى الناس عقولا قراء القرآن وقنقلا حال من ظل الرزانة أي مشبها قنقلا وكذا يقدر في ما جاء مثله مما هو منصوب على الحال وليس بمشتق كقوله وانقاد معناه يعملا والقنقل المكيال الضخم وكان لكسرى تاج يسمى القنقل والقنقل أيضا الكثيب من الرم


الصفحة التالية
Icon