وإما لفرق ذكروه وهو أن الثاني عنده أفعل التفضيل فكأن ألفه لم يقع طرفا لافتقاره إلى من المقدرة وصاغ ذلك لأنه من العمى المجازي وهو عمي القلب دون الحقيقي الذي هو عمى العين فلهذا بنى أفعل منه أي من كان جاهلا للحق في الدنيا فهو في الآخرة أجهل وأضل ومن أمالهما أو فتحهما سوى بينهما وإن اختلفا في المعنى لأن الألف فيهما عن ياء ولهم أن يقولوا ليس الثاني أفعل تفضيل بل هو اسم فاعل من العمى كالأول أي من كان أعمى في الدنيا عن الحق فهو أعمى أيضا في الآخرة وعند هذا يجوز أن يكون من العمى المجازي كالأول ويجوز أن يكون حقيقة كما في قوله تعالى في طه ﴿ ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ﴾ فهذا دليل على أنه عمى العين إذ كان بصيرا بها قبل ذلك ولم يكن المذكور بصيرا بقلبه وقال سبحانه في آخر سورة الإسراء ﴿ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ﴾
فقول الناظم أولا ليس برمز وإنما هو بيان لموضع أعمى فهو من تتمة بيان الحرف المختلف فيه وهو حال من أعمى أي وإمالة أعمى أولا في الإسراء حكم صحبة فهو من القبيل الذي جاء الرمز فيه متوسطا في أثناء التقييد كما نبهنا عليه في شرح الخطبة مثل قوله دار واقصر مع مضعفة وقد فصل الناظم بمسئلة تراءا بين لفظي أعمى في الإسراء ولو اتصلا لكان أولى فيقول
( واعمى في الاسرا أو لا حكم صحبة % وراء تراءا بالإمالة فصلا )
فيجئ الرمز لأعمى بعد كمال قيده بقوله أولا ولولا أن همزة تراءا لا تمال إلا في الوقف لقلت وراء تراءا فاز والهمز شمللا والله أعلم
٣١٠ [ وما بعد راء ( ش ) اع ( ح ) كما وحفصهم % يوالي بمجراها وفي هود أنزلا ] (١)

__________
١- حكما تمييز أي ما وقع من الألفات بعد راء فقل شاع حكمه في الإمالة وذلك لما ذكرته من مجاورتها للراء قال الكسائي للعرب في كسر الراء رأي ليس لها في غيره وروى عن أبي عمرو أنه قال أدركت أصحاب ابن مجاهد وهم لا يكسرون شيئا من القرآن إلا نحو ( وما أدراك - و - أفترى - وترى )
أي أمال ذلك حمزة والكسائي وأبو عمرو ومثاله ( ذكرى - و - اشترى - و - النصارى - و - القمر )
وتابعهم حفص في إمالة ( مجريها


الصفحة التالية
Icon