لا حقيقته فاستعمل في فيكون في هذه المواضع الأربعة وإن لم يكن جوابا على الحقيقة وقد اعتبرت المراعاة اللفظية في قوله ( قل لعبادي اللذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا - قل للذين آمنوا يغفرا - وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن )
وقال جرير قولا لحجاج يدع مدح كودن وقال عمر بن أبي ربيعة
( فقلت لجناد خذ السيف واشتمل % عليه برفق وارقب الشمس تغرب )
( وأسرج لي الرجناء واعجل بممطري % ولا يعلمن خلق من الناس مذهبي )
فجعل تغرب جوابا لقوله ارقب وهو غير متوقف عليه ولكنها معاملة لفظية
٤٧٦ [ وفي النحل مع يس بالعطف نصبه % ( ك ) فى ( ر ) اويا وانقاد معناه يعملا ]
هذان موضعان آخران إلا أن يقول الذي قبله منصوب فيهما وهو ( أن يقول له كن فيكون )
فالنصب في - فيكون - عطفا على - أن يقول - فهذا معنى قوله بالعطف نصبه ثم قال كفى راويا أي كفى راويه النصب في توجيهه وانقاد معناه مشبها يعمل وهو الجمل القوي يعمل في السير ولهذا تابع الكسائي ابن عامر في نصبهما وقد ذكر هذا التوجيه غير واحد من أئمة العربية والقراءة ويؤيده أن قراءة الرفع في غير هذين الموضعين قد ذكر الزجاج وغيره أنها معطوفة على يقول المرفوع فإن قلت هذا مشكل من جهة أخرى وهي أنه يلزم منه أن يكون - فيكون - خبرا للمبتدأ الذي هو - قولنا - في النحل - وأمره - في يس لأن قوله - أن يقول - خبر عنهما فما عطف عليه يكون خبرا أيضا كما تقول المطلوب من زيد أن يخرج فيقاتل فيكون المطلوب منه أمرين هما الخروج والقتال وهذا المعنى لا يستقيم هاهنا لأن التقدير يصير إنما قولنا لشيء قول كن فيكون فيؤول المعنى إلى إنما قولنا كون فهو كما ترى مشكل وليس مثل قول علقمة ( فإن المندى رحله فركوب % ) لأن كل واحد منهما يصح أن يكون خبرا عن المندي على الجهة التي قصدها من التجويز قلت القول في الآية ليس المراد منه حقيقته كما سبق ذكره وإنما عبر به عن سرعة وقوع المراد فهو لقوله تعالى ﴿ وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ﴾
فكأنه سبحانه قال إذا أردنا شيئا وقع ولم يتخلف عن الإرادة فعبر عن ذلك بقول - كن فيكون - فالعطف غير مناف لهذا المعنى فصح فهذه ستة مواضع وقع فيها قراءة النصب منها الموضعان الآخران نصبهما بالعطف والأربعة السابقة منصوبة على لفظ جواب الأمر وبقي موضعان لم يختلف في رفعهما وهما الثاني في آل عمران وفي الأنعام