بعد يعني بعد ذكر الريح ( ولو ترى )
مبتدأ خبره ما قبله كقولك أي رجل زيدا على سبيل التعظيم والتفخيم لشأنه لا على محض الاستفهام أي هو خطاب عظيم يتعلق به أمر فظيع من شدة عذاب الله يوم القيامة لمتخذي الأنداد من دون الله وقيل وأي خطاب مبتدأ وعم خبره وأشار بقوله عم إلى أنه خطاب عام لكل إنسان أي ولو ترى أيها الإنسان القوم الظالمين حين يرون العذاب يوم القيامة لرأيت أمرا فظيعا وشدة شديدة لا يماثلها شدة وإن كان الخطاب للنبي ﷺ فهو من باب مخاطبة رئيس القوم بما هو مطلوب منه ومن جميع قومه وهو مثل قوله تعالى ﴿ ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ﴾ - ﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ﴾
فأشار بقوله عم إلى أنه وإن كان على لفظ الخطاب للمفرد فالمراد به تعميم كل مخاطب فالذين ظلموا - مفعول - ترى - على قراءة الخطاب و - إذ يرون - ظرف للرؤية وهي في الموضعين من رؤية البصر ويجوز أن يكون - إذ يرون - بدلا من - الذين ظلموا - بدل الاشتمال كما قيل ذلك في نحو ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت )
أي ولو ترى زمان رؤية الظالمين العذاب وقد صرح بهذا المعنى في آيات كثيرة نحو ( ولو ترى إذ وقفوا على النار - ولو ترى إذ وقفوا على ربهم - ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت - ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم - ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت - ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة )
وعلى قراءة الغيبة يكون - الذين ظلموا - فاعل - يرى - وإذ يرون - مفعوله على سياق هذه الآيات المذكورة وجواب - لو - محذوف على القراءتين و - أن القوة - وما بعده معمول الجواب المحذوف أي لرأيت أو لرأوا أو لعلموا أن القوة لله أي لشاهدوا من قدرته سبحانه ما تيقنوا معه أنه قوي عزيز وأن الأمر ليس ما كانوا عليه من جحورهم لذلك وشكهم فيه وقيل الجواب بجملته محذوف مثل ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال )
وإنما أبهم تفخيما للأمر كما يقول القائل لو رأيت فلانا والسياط تأخذه ولو رأيته والسيوف تغشاه من كل جانب أي لرأيت أمرا شاقا لا صبر على رؤيته فكيف صبر من حل به أو تقديره لعلموا مضرة اتخاذهم للأنداد وأن القوة على تقدير لأن القوة فهو تعليل للجواب وقيل ( أن القوة )
على قراءة الغيبة مفعول يرى وعند هذا يجوز أن يكون يرى من رؤية القلب وسدت أن مسد المفعولين وقيل إن القوة على قراءة الخطاب بدل من العذاب وقيل على قراءة الغيبة التقدير - ولو يرى الذين ظلموا