﴿ فأسر بأهلك ﴾
ليكون مستثنى من موجب وهذا فيه إشكال من جهة المعنى إذ يلزم من استثنائه من ( فأسر بأهلك )
أن لا يكون أسرى بها وإذا لم يسر بها كيف يقال ( لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك )
على قراءة الرفع فكيف تؤمر بالالتفات وقد أمر أن لا يسري بها فهي لما التفتت كانت قد سرت معهم قطعا فيجوز أن يكون هو لم يسر بها ولكنها تبعتهم والتفتت فأصابها ما أصاب قومها والذي يظهر لي أن الاستثناء على القراءتين منقطع لم يقصد به إخراجها من المأمور بالإسراء بهم ولا من المنهيين عن الالتفات ولكن استؤنف الإخبار عنها بمعنى لكن امرأتك يجري لها كيت وكيت والدليل على صحة هذا المعنى أن مثل هذه الآية جاءت في سورة الحجر وليس فيها استثناء أصلا فقال تعالى ﴿ فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون ﴾
فلم تقع العناية إلا بذكر من أنجاهم الله تعالى فجاء شرح حال امرأته في سورة هود تبعا لا مقصودا بالإخراج مما تقدم ونحو ذلك قوله تعالى في سورة الحجر ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ﴾
قال كثير من المفسرين إنه استثناء متصل وبنى قوم على ذلك جواب الاستثناء الأكثر من الأقل لأن الغاوي أكثر من المهتدي وعندي أنه منقطع بدليل أنه في سورة سبحان ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ﴾
فأطلق ولم يستثن الغاوين دل على أنه أراد بقوله تعالى - عبادي المخلصين - المكلفين وهم ليس للشيطان عليهم سلطان فلا حاجة إلى استثناء الغواة منهم فحيث جاء في الحجر استثناء الغواة كان على سبيل الانقطاع أي لكن من اتبعك من الغاوين لك عليهم سلطان فإذا اتضح هذا المعنى لك علمت أن القراءتين واردتان على ما يقتضيه العربية في الاستثناء المنقطع ففيه لغتان النصب والرفع فالنصب لغة أهل الحجاز وعليها الأكثر والرفع لبني تميم وعليها اثنان من القراء ولهذا قلت في المنظومة التي في النحو
( واحمل على المنقطع إلا امرأتك % في هود مطلقا فتقوى حجتك )
وقول الناظم ارفع وأبدلا يجوز بضم الهمزة وفتحها فضمها على أنه فعل لم يسم فاعله وفتحها على الأمر والألف في آخره بدل من نون التأكيد الخفيفة والمعنى واحكم على المرفوع أنه بدل من أحد