وكونه لا نظير له في الآحاد غير مقتض لمنع الصرف بدليل العلم المرتجل الذي لا نظير له في أسماء الأجناس يقاس عليه لا بمنع الصرف وفيه علتان العلمية وكونه لا نظير له وهذا كان أولى بالمانعية لان العلمية مانعة في مواضع بشرطها والجمع غير معروف منه منع الصرف إلا في هذا الموضع المتنازع فيه فهذا الوجه من القياس مقو لهذه اللغة المسموعة
ووجه آخر قال أبو علي إن هذه الجموع أشبهت الآحاد لأنهم قد قالوا صواحبات يوسف فلما جمع جمع الآحاد المنصرفة جعلوه في حكمها فصرفوها فهذا معنى قوله إذ رووا صرفه لنا وقال الزجاج الأجود في العربية أن لا يصرف سلاسل ولكن لما جعلت رأس آية صرفت ليكون آخر الآى على لفظ واحد
قلت ادعاء أن سلاسل رأس آية بعيد ولكن الممكن أن يقال المعرف به في القرآن هو اللغة الفصيحة وهو منع صرف هذا الوزن من المجموع بدليل صوامع ومساجد وإنما عدل عن اللغة المشهورة في سلاسل إرادة التناسب لما ذكر معها من قوله - وأغلالا وسعيرا -
فإن قلت فكان ينبغي على هذا صرف صوامع ومساجد ليشاكلا لفظ - بيع وصلوات - من قوله تعالى - لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد -
قلت إنما فعل ذلك في المنصوب خاصة لأن المناسبة تحصل فيه وقفا ووصلا فإن المنون بوقف عليه بالألف فكان الرسم الألف دالا على الأمرين أما غير المنصوب فإنه يوقف عليه بالسكون منونا كان أو غير منون فلا حاجة تدعوا إلى صرفه لأجل المناسبة وصلا والمناسبة في الوقف مهمة بل هي العمدة في ذلك بدليل أن جماعة ممن لم ينون في الوصل يثبت الألف في الوقف ونظير هذا الموضع قراءة من قرأ في سورة نوح - ولا يغوثا ويعوقا - بالتنوين لأجل أن قبله - ودا ولا سواعا - وبعده - ونسرا - وهذا تعليل الزمخشري في ذلك فإنه قال لعله قصد الازدواج فصرفهما لمصادفته أخواتهما منصرفات كما قريء - وضحاها - بالإمالة لوقوعه مع الممالات للازدواج هذا قوله هنا ويجيء مثل ذلك في - سلاسلا - وهو وجه سائغ فعدل عن ذلك لما وصل إليه وقال فيه وجهان
أحدهما أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف
والثاني أن يكون صاحب هذه القراءة ممن ضرى برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف
قال الشيخ هذا كلام صدر عن سوء الظن بالقراءة وعدم معرفته بطريقتهم في اتباع النقل
قلت هذا جواب الوجه الثاني
وأما الوجه الأول فالتنوين الذي حمله عليه يسمى بتنوين الترنم النائب مناب حرف الإطلاق ولا يستقيم ذلك هنا فإن ذلك التنوين ثابت وقفا وهذا مبدل منه ألف في الوقف وكل تنوين أبدل منه ألف في الوقف فهو تنوين الصرف ولو كان هذا التنوين في كلمات الأحزاب - الظنونا - و - الرسولا - و - السبيلا - لكان تنوين الترنم فإن الألف في الوقف ألف الإطلاق فلتكن النون القائمة مقامه كذلك ولو كان هذا التنوين ثابتا في سلاسل وقفا كما هو ثابت وصلا لأمكن فيه ذلك على أنه لغة ضعيفة أيضا قال أبو الحسن الأخفش لا يجوز في - الظنونا - وشبهه تنوين الأعلى لغة من ينون في القوافي قال ولا تعجبني تلك اللغة لأنها ليست لغة أهل الحجاز