ولعل أقرب ١ هذه التحليلات وأدناها إلى منطق النحو ما ذكره الزجاج في كتابه (معاني القرآن وإعرابه) من أن (أزواجاً) تحمل ضميراً يعود على المبتدأ، والتقدير: (ويذرون أزواجاً لهم) وإذن فالضمير في (يتربصن) لا يعود على (أزواجا) منفصلة عن الاسم الموصول. وإنما هي بمعنى (أزواجهم) ويذكر الزجاج نظيرا لهذا من الكلام، إذ يقال مثلاً: الذي يموت وله بنتان ترثان الثلثين، فكلمة (بنتان) تحمل ضميراً ومعنى من المبتدأ، والألف في (ترثان) هي بمعنى (بنتاه) وإن فالخبر ليس خالياً من الرابط.
هذا الذي ذكره الزجاج قريب من اللغة، ولم يقدر فيه محذوفات بعيدة أو كثيرة كما فعل غيره.
والتعبير بعد كل هذا ليس شيئاً خارجاً عن الأساليب العربية، فالبحث إنما هو عن تخريجه ووجهته الإعرابية، وقد ذكر كل من الفراء والزجاج نظيراً لهذا الأسلوب قول ثابت قطنة ٢:
لعلي إن مالت بي الريح ميلة.
على ابن أبي ذبان أن يتندما.
فاسم (لعل) هي ياء المتكلم، والخبر هو (يتندم)، وكان الأصل: لعل ابن أبي ذبان أن يتندم، إن مالت بي الريح عليه، ولكن هذا التعبير يجعل المتكلم تابعاً في الكلام لا أصلاً، والتقدير هنا لعلي مع ابن أبي ذبان، وهو على أي حال ليس منقطع الصلة عن اسم (لعل).
٢ ثابت قطنة من الشعراء خراسان الإسلاميين، ذهبت عينه بطعنة فكان يضع عليها قطنة فسمي بها _ كان من أنصار المهلبيين، وهذه القصيدة مما رثى به يزيد بن المهلب، وابن أبي ذبان_ هو الوليد بن عبد الملك، سمي كذلك لأن أباه كان آبخر شديد البخر حتى إن الذباب كان يموت إذا دنا من فمه _ ويروى البيت أيضا (أن يتقدما) _