ولم تهمل كلمة أهل في أول الجملة فيكون تركيبها: (حتى إذا أتيا قرية استطعما أهلها) لأن ذلك قد يوهم أنهما سألا أهلها إجمالاً، وهذا يصدق بسؤال بعض منهم، فلا يكون ثمة عجب أو دهشة في إقامة الجدار مع رفض القرى من بعض الأفراد.
وكما قال بعض المفسرين أنهما قابلا أول الأمر بعض أفرادها وحين أعوزهما الطعام ذهبا يسألان الأهلين١ واحداً واحداً أو بيتاً فلم يحفل أحد بهما ولا طابت نفسه أن يقدم لهما طعاماً، وبعد هذا كله يقيم الخضر هذا الجدار غير آبه لما كان منهم من إساءة وشح.
وبدء الآية بالأهل لا ينافي أنها حديث عن القرية.
بهذا لا يكون تكرار كلمة (أهل) في الآية من وضع الظاهر موضع المضمر بل يكون ذكراً لا بد منه.
وكان الأديب العالم الشيخ صلاح الدين الصفدي ممن حيرهم البحث في تركيب هذه الآية فكتب إلى الشيخ السبكي يسأله شرحها في شعر جاء فيه:
أسيدنا قاضي القضاة ومن إذا | بدا وجهه استحي اله القمران |
رأيت كتاب الله أكبر معجز | لا فضل من يهدي به الثقلان |
ولكنني في الكهف أبصرت آيةً | بها الفكر في طول الزمان عناني |
وما هي إلا استطعما أهلها فقد | ترى استطعماهم مثله ببيان |
فما الحكمة الغراء في وضع ظاهر | مكان ضمير إن ذاك لشاني |