[ ٩ ]
ثم جاء بعدهم طبقة فطبقة، فجدوا واجتهدوا، وكل ينفق مما رزق الله،ولهذا كان (١) سهل بن عبد الله يقول: لو اعطى العبد بكل حرف من
القران الف فهم لم يبلغ نهاية ما اودعه في آية من كتابه، لانه كلام
الله، وكلامه صفته. وكما انه ليس لله نهاية، فكذلك لا نهاية لفهم
كلامه. وانما يفهم كل بمقدار ما يفتح الله عليه. وكلام الله غير
مخلوق، ولا تبلغ الى نهاية فهمه فهو محدثه مخلوقه. ولما كانت علوم
القران لا تنحصر، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقدر (٢)
الممكن. ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على انواع علومه، كما
وضع الناس ذلك بالنسبة الى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى - وله
الحمد - في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلم الناس في فنونه، وخاضوا
في نكته وعيونه، وضمنته من المعاني الانيقة، والحكم الرشيقة، مايهز
القلوب طربا، ويبهر العقول عجبا، ليكون مفتاحا لابوابه، عنوانا على
كتابه، معينا للمفسر على حقائقه، ومطلعا على بعض اسراره ودقائقه،
والله المخلص والمعين، وعليه اتوكل، وبه استعين، وسميته: (البرهان
في علوم القران). وهذه فهرست أنواعه: الاول: معرفة سبب النزول.
الثاني: معرفة المناسبات بين الايات. الثالث معرفة الفواصل. الرابع
معرفة الوجوه والنظائر. الخامس علم المتشابه.
------------------------------------------------------------------------