[ ١٤ ]

واعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه
ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم وإنما احتيج
إلى التفسير لما سنذكر بعد تقرير قاعدة وهى أن كل من وضع من البشر
كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح
لأمور ثلاثة أحدها كمال فضيلة المصنف فإنه لقوته العلمية يجمع
المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشرح
ظهور تلك المعاني الخفية ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل
على المراد من شرح غيره له وثانيها قد يكون حذف بعض مقدمات الأفيسة
بكر أو أغفل فيها شروطا اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر
فيحتاج الشارح لبيان المحذوف ومراتبه وثالثها احتمال اللفظ لمعان
ثلاثة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح الى
بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو منه بشر
من السهو والغلط وتكرار الشئ وحذف المهم وغير ذلك فيحتاج الشارح
للتنبيه على ذلك وإذا علم هذا فنقول إن القرآن إنما أنزل بلسان
عربي مبين في زمن أفصح العرب وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه أما
دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر من سؤالهم النبي
صلى الله عليه وسلم في الأكثر كسؤالهم لما نزل ولم يلبسوا إيمانهم
بظلم فقالوا أينا لم يظلم نفسه ففسره النبي صلى الله عليه وسلم
بالشرك واستدل
------------------------------------------------------------------------


الصفحة التالية
Icon