التفسير بالرأي
مفهومه.. حكمه.. أنواعه
(٢/٢)
مساعد الطيار
شروط الرأي المحمود في التفسير:
متى يكون الرأي محموداً؟
سبق في بيان حدِّ الرأي المحمود أنه ما كان قولاً مستنداً إلى علمٍ؛ فإن كان كذلك فهو رأيٌ جائز، وما خرج عن ذلك فهو مذموم.
ولكن.. هل لهذا العلم حدّ يُعْرَفُ به، بحيث يمكن تمييزه والتعويل عليه في الحكم على أيِّ رأيٍ في التفسير؟
لقد اجتهد بعض المتأخرين في بيان جملة العلوم التي يحتاجها من يفسر برأيه حتى يخرج عن كونه رأياً مذموماً.
فالراغب الأصفهاني (ت: القرن الخامس) جعلها عشرة علوم، وهي: علم اللغة، والاشتقاق، والنحو، والقراءات، والسّيَر، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، وعلم الكلام، وعلم الموهبة(١).
وجعلها شمس الدين الأصفهاني (ت: ٧٤٩) خمسة عشر علماً، وهي: علم اللغة، والاشتقاق، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراءات، وأسباب النزول، والآثار والأخبار، والسنن، وأصول الفقه، والفقه والأخلاق، والنظر والكلام، والموهبة(٢).
وقد ذكر الأصفهانيان أن من تكاملت فيه هذه العلوم خرج عن كونه مفسراً للقرآن برأيه (أي: المذموم).
وقد نبّه الراغب على أن (من نقص عن بعض ما ليس بواجبٍ معرفته في تفسير القرآن، وأحسّ من نفسه في ذلك بنقصه، واستعان بأربابه، واقتبس منهم، واستضاء بأقوالهم، لم يكن - إن شاء الله - من المفسرين برأيهم)(٣). (أي: المذموم).
وفيما يظهر - والله أعلم - أن في ذكر هذه العلوم تكثّّراً لا دليل عليه، مع ما على بعضها من ملاحظة؛ كعلم الكلام.
إن تكامل هذه العلوم أشبه بأن يكون شرطاً في المجتهد المطلق لا في المفسر؛ إذ متى يبلغ مفسر تكامل هذه العلوم فيه؟