وهكذا كل من فسر آية بآية فإن هذا التفسير ينسب إليه.
ب- أن المأثور في التفسير يشمل ما أُثر عن تابعي التابعين كذلك ومن دوّن التفسير المأثور فإنه ينقل أقوالهم، كالطبري (٣١٠) وابن أبي حاتم (ت: ٣٢٧)، وغيرهما.
بل قد ينقلون أقوال من دونهم في الطبقة، كمالك بن أنس، وغيره. ولو اطلعت على أوسع كتاب جمع التفسير المأثور، وهو (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) لرأيت من ذلك شيئاً كثيراً.
ولو قُبلت العلة التي ذكرها الشيخ محمد حسين الذهبي في إدخاله تفسير التابعين في المأثور، لصح تنزيلها على المأثور عن تابعي التابعين ومن دونهم.
وقد نشأ الخطأ في تصور ونقل الخلاف في تفسير التابعي، وهل يندرج تحت التفسير بالمأثور، أم لا يصح أن يوصف بأنه تفسير مأثور؟ ونزّل كلام العلماء خطأ في حكم تفسير التابعي على قضية كونه تفسيراً مأثوراً أم غير مأثور، ولم يكن حديث العلماء على كونه مأثوراً أم غير مأثور، إذ لم يكن ذلك المصطلح معروفاً ولا شائعاً في وقتهم.
وأما الثاني وهو ما يتعلق بالحكم فإن بعض من درج على هذا المصطلح نصّ على وجوب اتباعه والأخذ به(٧)، وهو مستوحى من كلام آخرين(٨).
ومما يلحظ على هذا الحكم أنهم يحكون الخلاف في تفسير التابعي من حيث الاحتجاج، بل قد حكى بعضهم الخلاف في تفسير الصحابي(٩).
ثم يحكمون في نهاية الأمر بوجوب اتباعه والأخذ به، فكيف يتفق هذا مع حكاية الخلاف الوارد عن الأئمة دون استناد يرجح وجوب الأخذ بق ول التابعي، فهم يمرون على هذا الخلاف مروراً عاماً بلا تحقيق.
ثم إن كان ما ورد عن الصحابة والتابعين مأثوراً يجب الأخذ به على اصطلاحهم فما العمل فيما ورد عنهم من خلاف محقق في التفسير؟ وكيف يقال: يجب الأخذ به؟