أولاً: طريق هشام، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلمانى، عن علىّ. طريق صحيحة، يُخَرِّج منها البخارى وغيره.
ثانياً: طريق ابن أبى الحسين، عن أبى الطفيل، عن علىّ. وهذه طريق صحيحة، يُخرِّج منها ابن عيينة فى تفسيره.
ثالثاً: طريق الزهرى، عن علىّ زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علىّ. وهذه طريق صحيحه جداً. حتى عدَّها بعضهم أصح الأسانيد مطلقاً، ولكن لم تشتهر هذه الطريق اشتهار الطريقتين السابقتين نظراً لما ألصقه الضعفاء، والكذَّابون بزين العابدين من الروايات الباطلة.
* * *
٤ - أُبَىّ بن كعب
* ترجمته:
هو أبو المنذر، أو أبو الطفيل، أُبَىّ بن كعب بن قيس، الأنصارى الخزرجى، شهد العقبة وبدراً، وهو أول مَن كتب لرسول الله ﷺ مقدمة المدينة، وقد أثنى عليه عمر رضى الله عنه فقال: "أُبَىّ سيد المسلمين" وقد أُختْلِفُ فى وفاته على أقوال كثيرة، والأكثر على أنه مات فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
*مبلغه من العلم:
كان أُبَىّ بن كعب سيد القُرَّاء، وأحد كُتَّاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال فيه صلى الله عليه وسلم: "واقرؤهم أُبَىّ بن كعب"، وليس أدل على جودة حفظه لكتاب الله تعالى من قراءة النبى صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الترمذى بسنده إلى أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: "إن النبى ﷺ قال لأُبَىّ بن كعب: إن الله أمرنى أن أقرأ عليك: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ قال: آلله سمانى لك؟ قال: نعم، فجعل أُبَىّ يبكى".
وفى رواية أنه قيل لأَبَىّ: وفرحتَ بذلك؟ قال: وما يمنعنى وهو يقول: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾. وروى الشعبى عن مسروق قال: "كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله ﷺ ستة: عمر، وعلىّ، وعبد الله، وأُبَىّ، وزيد، وأبو موسى".
* *
* مكانته فى التفسير:
كان أُبَىّ بن كعب من أعلم الصحابة بكتاب الله تعالى، ولعل من أهم عوامل معرفته بمعانى كتاب الله، هو أنه كان حَبْراً من أحبار اليهود، العارفين بأسرار الكتب القديمة وما ورد فيها، وكونه من كُتَّاب الوحى لرسول الله ﷺ وهذا بالضرورة يجعله على مبلغ عظيم من العلم بأسباب النزول ومواضعه، ومُقَدَّم القرآن ومُؤخره، وناسخه ومنسوخه، ثم لا يُعقل بعد ذلك أن تمر عليه آية من القرآن يشكل معناها عليه دون أن يسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهاذ كله عُدّ أُبَىّ بن كعب من المكثرين فى التفسير، الذين يُعتدَّ بما صح عنهم، ويُعوَّل على تفسيرهم.
* *
* الرواية عنه فى التفسير ومبلغها من الصحة:
كثرت الرواية عن أُبَىّ بن كعب فى التفسير وتعدَّدت طرقها، وتتبع العلماء سهذه الطرق بالنقد، فعدَّلوا وجرَّحوا، لأنه كغيره من الصحابة لم يسلم من الوضع عليه - وهذه هى أشهر الطرق عنه:
أولاً: طريق أبى جعفر الرازى، عن الربيع بن أنس، عن أبى العالية، عن أُبَىّ رضى الله عنه. وهذه طريق صحيحة، وقد ورد عن أُبَىّ، نسخة كبيرة فى التفسير، يرويها أبو جعفر الرازى بهذا الإسناد إلى أُبَىّ، وقد خَرَّج ابن جرير وأبى حاتم منها كثيراً، وأخرج الحاكم منها أيضاً فى مستدركه، والإمام أحمد من مسنده.
ثانياً: طريق وكيع عن سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أُبَىّ بن كعب، عن أبيه، وهذه يُخَرَّج منها الإمام أحمد فى مسنده، وهى على شرط الحسن، لأن عبد الله بن محمد بن عقيل وإن كان صدوقاً تكلم فيه من جهة حفظه، قال الترمذى فى سننه: "عبد الله بن محمد بن عقيل، هو صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قِبَل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدى، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل قال محمد - يعنى البخارى - : وهو مقارب الحديث، ونص الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد على أن حديثه حسن".
* * *