وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى الآيتين [١٧، ١٨] ﴿وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْس وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَآ أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾.. يقول: ﴿وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ﴾ أى صفته الشيطانية، ﴿وَالإِنْس﴾ أى صفته النفسانية، ﴿وَالطَّيْرِ﴾، أى صفته المالكية، ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ عن طبيعتهم بالشريعة. ليسخِّروا لسليمان القلب وينقادوا له، ﴿حَتَّى إِذَآ أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ﴾ وهو هوى النفس الحريصة على الدنيا وشهواتها، ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ﴾ وهى النفس اللَّوامة، ﴿ياأَيُّهَا النَّمْلُ﴾ أى الصفات النفسانية، ﴿ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ﴾ محالكم المختلفة وهى الحواس الخمس، ﴿لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ﴾، ﴿سُلَيْمَانُ﴾ القلب، ﴿وَجُنُودُهُ﴾ المسخَّرة له، ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ لأنهم الحق، وأنتم الباطل، فإذا جاء الحق زهق الباطل، كما أن الشمس إذا طلعت تبطل الظلمة وتنفيها، وهى لا تشعر بحال الظلمة وما أصابها".
* *
* من تأويلات السمنانى:
فى سورة التحريم عند قوله تعالى فى الآية [١١]: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.. يقول: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ يعنى القوى المؤمنة من قوى النفس اللوَّامة، ﴿امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ﴾ يعنى القوة الصالحة القابلة تحت القوة الفاسدة الفاعلة المستكبرة، ما ضرَّها كفر القوة الفاعلة الفاسدة إذا كانت صالحة هى بنفسها، ﴿إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ يعنى إذ قالت اللطيفة الصالحة القابلة فى مناجاتها مع ربها: ابن لى بيتاً فى أخص أطوار القلب، وقالت أيضاً فى مناجاتها: نجنى من هذه القوة الفاسدة والفاعلة وعملها. ونجنى من أنوائها وقواها الظالمة...".
وفى سورة الشمس عند قوله تعالى فى الآيات [١١] وما بعدها: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾... (إلى أخر السورة).
يقول: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ يعنى إذ انبعثت اللطيفة، وأسرعت إلى الطاغية انبعث أشقى قوى النفس على إثر اللطيفة الصالحة، ليعقر ناقة شوقها، ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ﴾ أى اللطيفة، ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ أى احذروا عقر ناقة الشوق وشربها من عين الذكر، ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ بتكذيبهم صالح اللطيفة النفسية، وعقروا ناقة الشوق، ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ﴾، أى أهلكهم الله، ﴿فَسَوَّاهَا﴾ أى عمَّهم بذلك العذاب، ﴿وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ ولا يخاف القوى العاقرة فى عقر ناقة الشوق عاقبة الأمر، فأهلكهم بطغيانهم لرسوله وتكذيبهم إياه".
* * *