( ٦- الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة ليوسف الثلائى (الزيدى) )
* ترجمة المؤلف:
مؤلف هذا التفسير هو شمس الدين يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن عثمان الثلائى، الزيدى الفقيه، أحد أصحاب الإمام المهدى، وأحد أساطين العلم وجبال التحقيق عند أصحابه. ارتحل الناس إليه من الأقطار إلى "ثلا"، وكان إذا قرأ امتلأ الجامع بالطلبة، وباقيهم بكتبهم فى الطاقات من خارج المسجد.
أخذ عن الفقيه حسن النحوى، وله تصانيف، منها: الزهور والرياض، و "الثمرات اليانعة"، وهو أجَلّ مصنف عند الزيدية، وهو ما نحن بصدده الآن، توفى رحمه الله بـ "ثلا" فى شهرى جمادى الآخرة سنة ٨٣٢ هـ (اثنتين وثلاثين وثمانمائة من الهجرة).
* *
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يقع هذا التفسير فى ثلاثة أجزاء كبار، ومنه نسخة خطية كاملة بدار الكتب المصرية، ويوجد بالمكتبة الأزهرية الجزء الثانى فقط، وهو مخطوط فى مجلد كبير، يبدأ من قوله تعالى فى الآية [٤] من سورة المائدة: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ﴾.... الآية، وينتهى عند قوله تعالى فى الآية [٣٦] من سورة النور: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾.
قرأت فى هذا التفسير فوجدت المؤلف يقتصر على آيات الأحكام، متمشياً مع ترتيب المصحف فى سورة وآياته. يذكر الآية أولاً، ثم يذكر ما ورد فى سبب نزولها إن كان لها سبب، ثم يقول: ولهذه الآية ثمرات هى أحكام شرعية: الأولى: كذا، والثانية: كذا... إلى أن ينتهى من كل ما يتعلق بالآية من الأحكام.
* *
* اعتماد المؤلف على الروايات التى لا تصح:
ويُلاحَظ على هذا التفسير أن مؤله لا يتحرى الصحة فيما ينقله من الأحاديث. وما يذكره من ذلك يمر عليه مراً سابرياً بدون أن يعقب عليه بكلمة واحدة تُشعر بضعف الحديث أو وضعه، فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٥٥] من سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.. نراه يذكر الروايات الواردة فى سبب نزول هذه الآية، ويذكر ضمن ما يذكر: أنها نزلت فى علىّ بن أبى طالب لمَّا تصدَّق بخاتمه فى الصلاة وهو راكع.. وقد علمنا أن هذه رواية موضوعة لا أساس لها من الصحة، ولكن المؤلف يذكرها، ثم يأخذ فى تفريع الأحكام على هذه القصة المكذوبة، كأنها عنده من الثابت الصحيح.
* *
* تقديره لكشاف الزمخشرى:
كذلك يُلاحَظ على المؤلف فى تفسيره هذا أنه كثير النقل عن الكشاف للزمخشرى، مما يدل على أنه معجب به وبتفسيره إلى حد كبير، ولعل ذلك ناشىء عما بين الرجلين من صلة التمذهب بمذهب الاعتزال.
* *
* مسلكه فى أحكام القرآن:
أما مسلك المؤلف فى أحكام القرآن، فإنه يسرد أقوال السَلَف والخَلَف فى المسألة، فيعرض لما ورد عن الصحابة والتابعين، ويعرض لمذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والظاهرية، والإمامية.... وغيرهم من فقهاء المذاهب، ذاكراً لكل مذهب دليله ومستنده فى الغالب. كما يذكر بعناية خاصة مذهب الزيدية واختلاف علمائهم فى المسألة التى يعرض لها، مع الإفاضة فى بيان أدلتهم التى استندوا إليها، والرد على مَن يخالفهم فيما يذهبون إليه.. كل هذا بدون أن نلحظ على الرجل شيئاً من القدح فى مخالفيه، كما يفعل غيره ممن سبق الكلام عنهم. وإليك بعض ما جاء فى هذا التفسير لتقف على مقدار دفاع المؤلف عن مذهبه، وعمله على تأييده بالبراهين والأدلة: ** رأيه فى نكاح الكتابيات:


الصفحة التالية
Icon