الخاتمة.. كلمة عامة عن التفسير وألوانه فى العصر الحديث
لم يترك الأوائل للأواخر كبير جهد فى تفسير كتاب الله، والكشف عن معانيه ومراميه، إذ أنهم نظروا إلى القرآن باعتباره دستورهم الذى جمع لهم بين سعادة الدنيا والآخرة، فتناولوه من أول نزوله بدراستهم التفسيرية التحليلية، دراسة سارت مع الزمن على تدرج ملحوظ، وتلون بألوان مختلفة مرَّت بك كلها. أو مرَّ لك على التحقيق ما وصلنا إليه فى دراستنا وقراءتنا الواسعة المستفيضة.
والذى يقرأ كتب التفسير على اختلاف ألوانها، لا يدخله شك فى أن كل ما يتعلق بالتفسير من الدراسات المختلفة قد وفاه هؤلاء المفسِّون الأقدمون حقه من البحث والتحقيق، فالناحية اللُّغوية، والناحية البلاغية، والناحية الأدبية، والناحية النحوية، والناحية الفقهية، والناحية المذهبية، والناحية الكونية الفلسفية. كل هذه النواحى وغيرها تناولها المفسِّرون الأُوَل بتوسع ظاهر ملموس، لم يترك لمن جاء بعدهم - إلى ما قبل عصرنا بقيل - من عمل جديد، أو أثر مبتكر يقومون به فى تفاسيرهم التى ألَّفهوها، اللَّهم إلا عملاً ضئيلاً لا يعدو أن يكون جمعاً لأقوال لمتقدمين، أو شرحاً لغامضها، أو نقداً وتفنيداً لما يعتوره الضعف منها، أو ترجيحاً لرأى على رأى، مما جعل التفسير يقف وقفة طويلة مليئة بالركود، خالية من التجديد والابتكار.
* *