ثم يقول لصاحبه فى آخر الرسالة: "... لتعلم حق العلم أنى ما نسبت ولم أكره صفة من صفاتك، ولا خلة من خلالك، ولكن - والحق يقال - إنك نسيت وصية روح الله الورادة فى سفر متى: "لا تُلْقوا جواهركم تحت أرجل الخنازير" حيث تجاهر بجواهر الإسرار ومعالى المعانى، عند مَن لا يستحق أن تخاطبه وتلاطفه، وتجلسه وتؤانسه، فكيف أنه يكون مستودع الحكمة الإلَهية، والأسرار الربانية، فتمسك بالحكمة، وكن على جانب عظيم من الفطنة".
ويقول فى رسالة أرسلها إلى الشيخ فرح الله زكى الكردى أحد أتباعهم فى مصر: "... واعلم يا حبيبى أنه سيدخل عليكم كثيرون، ويتظاهرون بنوايا المتفحص الباحث، ويظهرون السلم والوفاق، وهم أهل النفاق وأصل الشقاق، ومقصودهم معرفة أهل الإيمان، واضطهاد أصحاب الإيقان كما تصرح وتنادى آى الفرقان: منها قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾... إلى آخر الآيات، فتَحكَم الآية المباركة أنه لا بد من دخول أهل النفاق على أصحاب الوفاق، للاستطلاع والاستراق، فلا يغرنك تحببهم وترفقهم، ولا يخدعنك ملاينتهم وتملقهم، فإن التهور والتعجيل يوجب الندم والافتضاح، والتروى يكفل النجاح والفلاح، ومن الحكم المأثورة: "العجلة من الشيطان، والتأنى من الرحمن".
من كل ما تقدم، يظهر لنا بوضوح: أن البابية والبهائية ليسوا أصحاب نِحْلة جديدة فى تعاليمها ومعتقداتها، وإنما هو قوم من أهل الباطن يريدون الكيد للإسلام باسم الإصلاح الدينى، وسيظهر لك من تأويلاتهم للقرآن - علاوة على ما سبق - أنهم ينهجون نهج الابطنية الأُوَل، ويترسمون خطاهم فى تحريفهم لكتاب الله، والعبث بآياته!!
* *


الصفحة التالية
Icon