( التفسير والمفسرون ) ضمن الموضوع ( ٢- الزيدية ) ضمن العنوان ( السليمانية )
أصحاب سليمان بن جرير، وكان يقول: إنّ الإمامة شورى فيما بين الخلق، ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها تصح فى المفضول مع وجود الأفضل، وأثبت إمامة أبى بكر وعمر حقاً باختيار الأمة حقاً اجتهادياً، وربما كان يقول: إنّ الأُمّة أخطأت فى البيعة لهما مع وجود علىّ خطأ لا يبلغ درجة الفسق، وذلك الخطأ اجتهادى، غير أنه طعن فى عثمان بالأحداث التى أحدثها وكفّره لذلك، وكفَّر عائشة والزبير وطلحة بإقدامهم على قتال علىّ، ثم إنه طعن فى الرافضة فقال: إنّ أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يظهر أحد قط عليهم. إحداهما: القول بالبداء، فإذا أظهروا قولاً أنه سيكون لهم قوة وشَوْكة وظهور، ثم لا يكون الأمر على ما أخبروه قالوا: بدا لله تعالى فى ذلك. والثانية: التقيّة، وكل ما أرادوا تكلموا به، فإذا قيل لهم ذلك ليس بحق وظهر البطلان قالوا: إنما قلناه تقيّة وفعلناه تقيّة.
وتابعه على القول بجواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل قوم من المعتزلة، ومنهم جعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب، وكثير النوى - وهو من أصحاب الحديث. قالوا: الإمامة من مصالح الدين ليس يُحتاج إليها لمعرفة الله تعالى وتوحيده، فإنَّ ذلك حاصل بالعقل، لكنها يُحتاج إليها فإقامة الحدود والقضاء بين المتحاكمين ولاية اليتامى والأيامى وحفظ البَيْضة وإعلاء الكلمة ونصب القتال مع أعداء الدين، وحتى يكون للمسلمين جماعة ولا يكون الأمر فوضى بين العامة، فلا يُشترط فيها أن يكون الإمام أفضل الأمة علماً وأقومهم رأياً وحكمة، إذ الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل.
ومالت جماعة من أهل السُنَّة إلى ذلك حتى جوَّزوا أن يكون الإمام غير مجتهد ولا خبير بمواقع الاجتهاد، ولكن يجب أن يكون معه مَن يكون من أهل الاجتهاد فيراجعه فى الأحكام ويستفتى منه فى الحلال والحرام، ويجب أن يكون فى الجملة ذا رأى متين وبصر فى الحوادث نافذ.