( ٣- الإمامية )
( الباقرية والجعفرية الواقفة )
أصحاب أبى جعفر محمد بن علىّ الباقر وابنه جعفر الصادق وقالوا بإمامتهما وإمامة والدهما زين العابدين، إلا أنّ منهم مَن توقف على واحد منهما وما ساق الإمامة إلى أولادهما، ومنهم مَن ساق، وإنما ميّزنا هذه فرقة دون الأصناف المتشيعة التى نذكرها لأن من الشيعة مَن توقَّف على الباقر وقال برجعته، كما توقف القائلون بإمامة أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادق وهو ذو علم غزير فى الدين وأدب كامل فى الحكمة وزهد بالغ فى الدنيا وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرَّض للإمامة قط، ولا نازع أحداً فى الخلافة، ومَن غرق فى بحر المعرفة لم يطمع فى شط، ومَن تعلَّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط، وقيل: مَن آنس بالله توحَش عن الناس، ومَن استأنس بغير الله نهبه الوسواس.. وهو من جانب الأب ينتسب إلى شجرة النبوة، ومن جانب الأم ينتسب إلى أبى بكر رضى الله عنه. موقد تبرأ عما كان ينسب بعض الغلاة إليه وتبرأ عنه ولعنهم وبرئ من خصائص مذاهب الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة والبداء والتناسخ والحلول والتشبيه، لكن الشيعة بعده افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهباً وأراد أن يُروِّجه على أصحابه ونسبه إليه وربطه به، والسيد برئ من ذلك ومن الاعتزال والقدر أيضاً، هذا قوله فى الإرادة: "إنَّ الله تعالى أراد بنا شيئاً وأراد منا شيئاً، فما أراده بنا طواه عناه، وما أراده منا أظهره لنا، فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا".
وهذا قوله فى "القَدَر": "هو أمر بين أمرين، لا جبر ولا تفويض".
وكان يقول فى الدعاء: "اللهم لك الحمد إن أطعتك، ولك الحُجَّة إن عصيتك، لن صنع لى ولا لغيرى فى إحسان، ولا حُجَّة لى ولا لغيرى فى إساءة".
فنذكر الأصناف الذين اختلفوا فيه وبعده، لا على أنهم من تفاصيل أشياعه، بل على أنهم منتسبون إلى أصل شجرته وفروع أولاده.