الحادية عشر، والثانية عشر: فرقة توقفت فى هذه المخابط وقالت: لا ندرى على القطع حقيقة الحال لكنَّا نقطع فى "الرضا" ونقول بإمامته، وفى كل موضع اختلف الشيعة فيه فنحن من الواقفية فى ذلك إلى أن يُظهر الله الحُجَّة ويظهر بصورته فلا يشك فى إمامته مَن أبصره ولا يحتاج إلى معجزة وكرامة وبيِّنة، بل معجزته اتباع الناس بأسرهم إياه من غيره منازعة ومدافعة.
فهذه جملة فرق الإثنا عشرية، قطعوا على واحد واحد منهم ثم قطعوا على كل بأسرهم.
ومن العجب أنهم قالوا: الغيبة قد امتدت مائتين ونيفاً وخمسين سنة، وصاحبنا قال: إن خرج القائم وقد طعن فى الأربعين فليس بصاحبكم، ولسنا ندرى كيف ينقضى مايتان وخمسون سنة فى أربعين سنة، وإذا سُئل القوم عن مدة الغيبة كيف يتصور؟ قالوا: أليس الخضر وإلياس عليهما السلام يعيشان فى الدنيا من آلاف السنين لا يحتاجان إلى طعام وشراب؟ فلِمَ لا يجوز ذلك فى واحد من أهل البيت؟ قيل لهم: ومع اختلافكم هذا، كيف يصح لكم دعوى الغيبة؟ ثم الخضر عليه السلام مكلفاً بضمان جماعة والإمام عندكم ضامن مكلِّف بالهداية والعدل، والجماعة مكلِّفون بالاقتداء به والاستنان بسُنَّته، ومَن لا يُرى كيف يُقتدى به؟ فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية غى الأُصول وبالمشبهة فى الصفات، متحيرين تائهين، وبين الإخبارية منهم والكلامية سفه وتكفير، وكذلك بين التفضيلية والوعيدية قتال وتضليل.. أعاذنا الله من الحيرة.
ومن العجب أنَّ القائلين بإمامة المنتظر - مع هذا الاختلاف العظيم - لا يستحيون فيدَّعون فيه أحكام الإلَهية ويتأولَّون قوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ عليه، قالوا: هو الإمام المنتظر الذى يُرَد إليه علم الساعة، ويدَّعون فيه أنه لا يغيب عنا ويخبرنا بأحوالنا حين يُحاسب الخلق، إلى تحكمات باردة وكلها عن العقول ردة:
*لقد طفتُ تلك المعاهد كلها * وسيِّرتُ طرفى بين تلك المعالم*
*فلم أرَ إلا واضعاً كف حائر * على ذقنٍ، أو قارعاً سن نادم*
* * *


الصفحة التالية
Icon