فبذلك أصبح لخصائص المنهج الأعجمي في التأليف والتدريس امتداد إلى بلاد السلطنة العثمانية بالأناضول وبالروميلي أثمر رجالاً التحقوا بركب العلامة سعد الدين التفتازاني واشتركوا مع أخلافه في بحوثهم القلمية والتدريسية حول تلك الكتب الجامعة لتقارير المحققين وحواشيهم، ومنها تفسير الكشاف، وتفسير البيضاوي، فاتسع بذلك مجال البحث حول التفسيرين، والتزمت طريقة تتبع أحدهما بالآخر فأثمرت بحوثاً وتقريرات شاقة مضنية شعر الدارسون من جرائها بأنه قد كان بتعدد هذين الرأسين أثر في تشعيب المباحث وتوفير المعاناة لإقامة منهج التقرير لتفسير البيضاوي بالرجوع إلى تفسير الكشاف وإلى ما تزايد حولها، على مر العصور، من مباحث متشعبة.
ولما كانت نزعة الجمع والتلخيص والمحاكمة قد شاعت بين العلماء العثمانيين الذين كادت أن تغمرهم أمواج البحوث الزاحفة عليهم من البلاد الفارسية، فإن التطلع إلى وضع تفسير جديد يجمع بين الكشاف والبيضاوي ويريح من عناء تسليط كلام ذلك على هذا وتلخيص المهم من المباحث المعلقة عليها قد أصبح تطلعاً شائعاً في بيئة العلم العثمانية الفتية.
فكان الذي انتدب على تحقيق هذه الرغبة، والاستجابة لذلك التطلع، هو العلامة شيخ الإسلام أبو السعود العمادي المتوفى أواخر القرن العاشر سنة ٩٨٢هـ.
كان أبو السعود عالماً كاتباً أديباً فائق العبقرية في اللغات الثلاث: العربية والفارسية والتركية، وكانت منزلته العلمية قد علت واشتهرت، ثم كانت مناصب الرئاسة العلمية، في التدريس والقضاء ومشيخة الإسلام، قد أشاعت اسمه وأعلت حرمته وقررت منزلته.