وإن الآلوسي ليحدثنا عن سبق معرفته بمقام الشيخ خالد واتباعه طريقته من أول عمره بقوله "ارتضعت ضرع طريقته بعيد الفطام واحتسبت حمي محبته قبل أن تعثو مني العظام" ويقول فيه معرباً عن عظيم مقامه في نظره: "هو الحائز للحكمتين العلمية والعملية، الفائز بالرئاستين الظاهرية والباطنية، فلا ترى مكرمة إلا ومصيرها إليه، ولا منقبة إلا ورواقها ممدود وهي مقصورة عليه" وينشد فيه مبدعاً:
فلي فيه أستاذ ولي فيه مرشد
ولي فيه قطب ذو اتصال ولي ولي
فقد كان ظهور الشيخ خالد الكردي، وانتصار هؤلاء العلماء له، والتفافهم حوله، في العهد الذي دخلت فيه السلطة العثمانية على يد محمود الثاني دور إنجاز الإصلاحات والتنظيمات، والخروج عن سلطان التقاليد والعوائد، فكان اعتداد السلطان محمود في إنجاز عمله العظيم بأصحاب القيم السامية في العلوم الإسلامية، من أبناء الأقاليم العثمانية العربية، وأبناء البلاد الأناضولية والرومية الراسخي القدم حقاً في العلوم المتمكنين من اللغة العربية.
فكانت تلك العصابة من العلماء المستنيرين الذين اعتبروا سند الحركة الإصلاحية المحمودية، وتقوى ساعد السلطان بمناصرتهم مثل شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت في تركيا، وهو قطب تلك الدائرة، وشيخ الإسلام إبراهيم الرياحي في تونس، والشيخ خالد الكردي، والشيخ ابن عابدين في الشام، والشيخ الآلوسي في العراق، وكانت النسبة الطرقية لهؤلاء ترفع من قيمة منزلتهم العلمية.
فكانت بذلك للشيخ خالد النقشبندي منزلة مرعية في نظر الدولة اقتضت أن يختص من أجلها بمزيد الرعاية أنصاره من العلماء مثل صاحبنا الآلوسي، الذي تكونت له مع الخلافة العثمانية في عهد السلطان محمود الثاني صلة أكيدة، يرعى كل من الطرفين حرمتها ويقابل رعاية الطرف الآخر لها بأحسن منها.
***
الآلوسي وتأليفه للتفسير


الصفحة التالية
Icon