ويظهر من ذلك ومما يشكوه دائماً من هموم الزمان أن المضايقات اشتدت به في مباشرة وظيفة الإفتاء، لا سيما بعد وفاة السلطان محمود، حتى تمكن من فرصة استقال فيها منصب الإفتاء مع أمن البقاء على الحظوة والكرامة لدى السلطنة العلية، فتخلى عن الوظيفة وانصرف إلى إتمام الكتاب، تحوطه العناية والتنشيط من لدن السلطان عبد المجيد، كما كانت تحوطه من لدن والده، وكان ذلك بعد سفره إلى استنبول، واجتماعه شخصياً بالسلطان عبد المجيد سنة ١٢٦٣هـ وبعد ذلك الاجتماع بأربع سنين كان الآلوسي قد أتم تفسيره كلياً في تسعة أجزاء، ورفع بنفسه الجزئين الأخيرين فسافر بهما سنة ١٢٦٧هـ إلى الآستانة، في صحبة والي العراق عبد الكريم باشا، فكان دخوله إلى العاصمة حدثاً ذا شأن جليل، نفخت به الرعاية العثمانية في شهرة ذلك التفسير ومؤلفه، فلم يعد إلى بغداد لسنة ١٢٦٩هـ إلا وقد أصبح تفسيره طائر الذكر في البلاد الإسلامية، وتعاليق الإكبار والإعجاب ملحقة به في المشارق والمغارب، ولم تكد أصداء هذه الشهرة ترجع إلى بغداد حتى كان قد توفى رحمه الله في ذي القعدة سنة ١٢٧٠هـ.
***
تفسير روح المعاني للآلوسي


الصفحة التالية
Icon