كما ألح على وجوب الاهتمام بالثقافة العامة والعلوم الحديثة جوار ما يدرسه الطلاب من علوم الشريعة واللسان، والطريف في اجتماع هذه اللجنة، أن الفاضل ــ رحمه الله ــ دعا إلى ضرورة (قلب) نظام التعليم، فاعترض بعض الفضلاء على كلمة (القلب) لأنها تحدث معنى الثورة، ويرى أن تكون العبارة (تبديل نظام التعليم)، ولكن الفاضل أصر على استعمال لفظ القلب ليؤدي مدلوله الصحيح، لأن لفظ التبديل يتضمن شيئاً من المداهنة التي لا يجوز أن تقف في سبيل الإصلاح، ووافق المؤتمرون على اختيار الفاضل.
وتابع الفاضل، ضرورة إنشاء المؤتمرات الخاصة بعلاج الأسلوب التعليمي، فكان عضواً في المؤتمر الذي انعقد سنة ١٩٣٣م برياسة الطالب (أبي القاسم الشابي) شاعر العرب جميعاً لا تونس وحدها، وانتهى إلى قرارات إصلاحية كانت موضع عناية المسئولين، وقد وجدت طريق التنفيذ بعد سنوات، وطبيعي أن يخص الفاضل جامع الزيتونة باقتراحاته الصائبة، ونتج عن ذلك أن عقد المدرسون الزيتونيون مؤتمراً بالخلدونية سنة ١٩٤٤م، انبثقت عنه عدة لجان فرعية، وأبدت من الاقتراحات ما كان موضع التنفيذ العاجل، لقوة الحركة الإصلاحية التي نادت بهذه الاقتراحات، وفي كتاب الحركة الأدبية والفكرية في تونس تفصيل جيد لهذه الخطوات الميمونة، ذات الأثر البعيد.
أما أثر الرجل في الإفتاء والجامعات والمجامع والمؤتمرات الاستشراقية فواضح فيما تُدُووِلَ من آثاره، وقد أسس معهد الحقوق العربي، ومعهد البحوث الإسلامية وألقى بهما من المحاضرات ما استنفد قدراً كبيراً من وقته وجهده، لذلك كانت وفاته العاجلة مصدر أسى شامل في الدوائر العلمية في شتى ربوع الإسلام.