قد تولى حافظ الإسلام العظيم جلال الدين السيوطي حصر الممتازين في عصر الصحابة بدقة المعرفة في تفسير القرآن، كما تولى حصر الممتازين بالاجتهاد للرجوع إليهم في الفتوى فذكر في كتاب " الإتقان ": أن أعلم الصحابة بالتفسير، وأتمهم امتيازاً من البقية بطول الباع في الإعراب عن معاني القرآن، بصورة مسلم لهم فيها من بقية معاصريهم من الصحابة إنما هم الخلفاء الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي ــ رضي الله عنهم ــ ثم عبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله ابن عباس ــ رضي الله عنهم ــ. وقد كان لسبق وفاة التسعة الأولين من هؤلاء العشرة، وقلة اختلاطهم بالناشئة الغالبة في عصر التابعين، ما رفع منزلة آخر العشرة وأصغرهم، وأبرز مقامه في جيل لم يجد الناس فيه مفزعاً للحديث في التفسير أتم اضطلاعاً به منه، ونعني به حبر الأمة، وترجمان القرآن: عبد الله بن عباس فإنه لم يبق عند منتصف القرن الأول من الهجرة، من بين الصحابة وغيرهم، إلا مذعن لابن عباس، مسلم له مقدرته الموفقة، وموهبته العجيبة وعلمه الواسع في تفسير القرآن.
وقد اتصل تفسير القرآن، عند ابن عباس، بعناصر زائدة على العنصرين اللذين قدمناهما في الحديث الماضي: وهما عنصر أسباب النزول، وعنصر مبهم القرآن.