لقد سما تفسير ابن عطية إلى إلى مساواة تفسير الزمخشري مصافاً ومكاتفاً، فإنهما زيادة على اتفاقهما في المعاصرة قد اتفقا في المنهج العلمي الأدبي، وتشابها بتشابه صاحبيهما في تأسس ثقافتهما العامة على أساس الأدب واللغة.
ولكنهما وراء هذا الاتفاق يختلفان من أوجه عدة ينبغي الالتفات إليها لإحكام المقارنة بين التفسيرين العظيمين، فكما اختلفا في أن تفسير ابن عطية من آثار الشباب وتفسير الزمخشري من آثار الشيخوخة، فإنهما اختلفا اختلافاً واضحاً هو أقوى أثراً في العمل العلمي وهو اختلاف يرجع إلى ثلاث جهات:
أولاها: أن ابن عطية مغربي والزمخشري مشرقي.
وثانيتها: من حيث أن ابن عطية مالكي والزمخشري حنفي.
وثالثتها: من حيث أن ابن عطية سني والزمخشري معتزلي.
ولكل من هذه الجهات أثرها في ميزة من الميزات، التي اختلف بها كل من التفسيرين عن الآخر بالإضافة إلى فارق السن، وإلى فارق العربية والعجمة.
فمن حيث أن ابن عطية مغربي، تمكن من الرجوع إلى مصادر ما كانت في متناول صاحب الكشاف، أهمها تفسير مغربي أفريقي جعله ابن عطية مبنى تفسيره، وأكثر دوران ذكره في أثناء كلامه، ولم يرد في كلام الزمخشري أي تعريج عليه، وذلك هو تفسير المهدوي المسمى " التفصيل الجامع لعلوم التنزيل " فقد ذكره ابن عطية في خطبة تفسيره ووصفه بأنه متقن التأليف، وأشار إلى الانتقاد على أسلوبه في عدم تتبع الألفاظ، وأن أسلوبه مفرق للنظر مشعب للفكر.
وذلك يتبين مما ذكره صاحب كشف الظنون عن تفسير المهدوي: أنه فسر الآيات ثم ذكر القراءات ثم الإعراب.