ثم قال: وكان لهذا الخضم الهائج ببلاد الشرق الأوسط موجة امتدت إلى آسيا الصغرى وبلاد الروم منذ أواخر القرن التاسع بسبب ما أحدث قيام السلطة العثمانية من صلات بين الممالك الإسلامية، وما كونت الفتوح العثمانية من صلات، وبذلك أصبح لخصائص المنهج العلمي في التأليف والتدريس امتداد إلى بلاد السلطنة العثمانية بالأناضول وبالروميلي أثمر رجالاً التحقوا بركب العلامة التفتازاني واشتركوا مع أخلافه في بحوثهم القلمية والتدريسية، حول الكتب الجامعة لتقارير المحققين، ومنها تفسير الكشاف وتفسير البيضاوي، فاتسع بذلك مجال البحث حول التفسيرين وأثمر بحوثاً شاقة مضنية متشعبة، فتطلع العلماء إلى وضع تفسير جديد يجمع بين الكشاف والبيضاوي، ويريح من عناء تسليط الكلام على هذا وذلك، فكان الذي انتدب لتحقيق هذه الرغبة شيخ الإسلام أبو السعود".
هذا كلام لم يتجاوز في كتاب (التفسير ورجاله) صفحتين، ولكنه ألم بتاريخ أربعة قرون من البحث التقريري المتغلغل في شروح مدرسة التفتازاني في إحكام دقيق لا غاية لدقته، وقد كنت أود أن أستشهد بنقول أخرى من هذا الطراز تبين روعة البحاثة وضلاعته، وبعد مرماه على إيجاز قوله ولكن مكان القول شحيح.


الصفحة التالية
Icon