وأما النسخ المعروفة عندنا بتونس في الخزائن العامة والخاصة فهي إما من تقييد الأبي، وإما من تقييد السلاوي لأنه يفيد أن كاتبه حضر ختمات عديدة من التفسير على ابن عرفة منها ختمة سنة ٧٥٧هـ. وهذا يؤيد أنه من أقدم أصحابه. وكلا الشيخين الأبي والسلاوي من أكابر أصحاب ابن عرفة بخلاف البسيلي الذي لم يحضر درس ابن عرفة إلا في آخر حياة الشيخ سنة ٧٨٥هـ كما في ذيل الديباج، وحيث اشترك الأبي والسلاوي في علو الطبقة فلم يفد ذكر ختمة سنة ٧٥٧هـ ترجيح نسبته لأحدهما، واشتركا أيضاً في أن لكل منهما شرحاً على صحيح مسلم يسمى إكمال الإكمال. فلم يفد ما ورد في أثناء التفسير من إحالة كاتبه على شرح مسلم أن الكاتب هو الأبي أو السلاوي، وبذلك يبقي الاحتمالان في نسبة التأليف قائمين لا يظهر ــ لحد الآن ـــ إن كانت نسخ تفسير ابن عرفة الموجودة مخطوطاتها بتونس هي من تحرير الأبي أو من تحرير السلاوي إلى أن تضاف إلى هذا المبحث عناصر جديدة قد تأتينا بها نسخ أخرى من تفسير ابن عرفة تطلع علينا من الشرق أو من الغرب.
*****
تفسير أبي السعود
عندما كان التفسير بالمغرب ـ وتونس خاصة ـ يسير على منهج الإملاء والجمع والتحليل، في القرن الثامن والقرن التاسع، ويجلى فيه الإمام ابن عرفة وأصحابه، كان التفسير ببلاد الشرق الأوسط، في إيران وما وراء النهر، راكباً بحر التقرير والبحث والتفكيك، مغرقاً فيه، سابحاً بين أمواج متلاطمة من المباحث والأنظار، تترامى على عبريه، وقد قام على أحدهما تفسير الكشاف، وقام على العبر الآخر تفسير البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon