(١) قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشاطبي - رَحمَه الله تَعَالَى -: "وَمثله مَا خرجه مُسلم عَن سُفْيَان، قَالَ: "سَمِعت رجلا يسْأَل جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ١عَن قَوْله: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ ٢فَقَالَ جَابر: لم يَجِيء تَأْوِيل هَذِه الْآيَة. قَالَ سُفْيَان: وَكذب. قَالَ الْحميدِي: فَقُلْنَا لِسُفْيَان: مَا أَرَادَ بِهَذَا؟. فَقَالَ: إِن الرافضة تَقول: إِن عليا فِي السَّحَاب، فَلَا يخرج - يَعْنِي مَعَ من خرج من وَلَده - حَتَّى يُنَادي منادٍ من السَّمَاء - يُرِيد عليا أَنه يُنَادي -: اخْرُجُوا مَعَ فلَان. يَقُول جَابر: فَذا تَأْوِيل هَذِه الْآيَة، وَكذب كَانَت فِي إخْوَة يُوسُف"٣.
فَهَذِهِ الْآيَة أمرهَا وَاضح، وَمَعْنَاهَا ظَاهر يدل عَلَيْهِ مَا قبل الْآيَة وَمَا بعْدهَا، كَمَا دلّ الْخَاص على معنى الْعَام، وَدلّ الْمُقَيد على معنى الْمُطلق، فَلَمَّا قطع جَابر الْآيَة عَمَّا قبلهَا وَمَا بعْدهَا٤... صَار الْموضع بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ من الْمُتَشَابه، فَكَانَ من حَقه التَّوَقُّف، لكنه اتبع فِيهِ هَوَاهُ، فزاغ عَن معنى الْآيَة"٥.
(٢) وَقَالَ - فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ ٦ -: "وتأملوا هَذِه الْآيَة، فَإِنَّهَا صَرِيحَة فِي أَن من لم يتبع هدى الله فِي هوى نَفسه

١ - جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ، من أكبر عُلَمَاء الشِّيعَة، وَثَّقَهُ شُعْبَة، فشذ، وَتَركه الْحفاظ (ت: ١٢٨هـ -). انْظُر الكاشف (١/١٢٢).
٢ - سُورَة يُوسُف، الْآيَة: ٨٠.
٣ - أخرجه الإِمَام مُسلم فِي مُقَدّمَة صَحِيحه (١/٢٠، ٢٠).
٤ - فِي النُّسْخَة الْمَنْقُول مِنْهَا: "عَمَّا قبلهَا مَا بعْدهَا"، والتصحيح من النُّسْخَة الَّتِي حققها دراز (٣/٩٣).
٥ - الموافقات (٣/٣١٧، ٣١٨).
٦ - سُورَة الْقَصَص، الْآيَة: ٥٠.


الصفحة التالية
Icon