فَقَامَ فِي هَذَا الْجَانِب خير قيام، وَألف فِي ذَلِك كتابا حافلاً نصر بِهِ سنة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقمع بِهِ بدع المبتدعين١.
وَقد تحدث هُوَ بِنَفسِهِ عَن بعض مِمَّا قَامَ بِهِ فِي هَذَا الشَّأْن فَقَالَ: "... لم أزل أتتبع الْبدع الَّتِي نبّه عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحذر مِنْهَا، وبيَّن أَنَّهَا ضَلَالَة، وَخُرُوج عَن الجادة، وَأَشَارَ الْعلمَاء إِلَى تمييزها والتعريف بجملة مِنْهَا؛ لعَلي أجتنبها فِيمَا اسْتَطَعْت، وأبحث عَن السّنَن الَّتِي كَادَت تُطْفِئ نورها تِلْكَ المحدثات؛ لعَلي أجلو بِالْعَمَلِ سناها، وأُعد يَوْم الْقِيَامَة فِيمَن أَحْيَاهَا... "٢.
وَأثْنى عَلَيْهِ الْعلمَاء بذلك، فَمن ذَلِك قَول أَحْمد بَابا التنبكتي: "... حَرِيصًا على اتِّبَاع السّنة، مجانبًا للبدع والشبهة، ساعيًا فِي ذَلِك، مَعَ تثبت تَامّ، منحرف عَن كلّ مَا ينحو للبدع وَأَهْلهَا، وَقع لَهُ فِي ذَلِك أُمُور مَعَ جمَاعَة من شُيُوخه وَغَيرهم فِي مسَائِل"٣.
هَذَا وَلم يسلم الإِمَام الشاطبي من أَلْسِنَة المبتدعة أَعدَاء السّنة فنسبوا إِلَيْهِ مَا لم يقل، واتهموه بأَشْيَاء هُوَ برِئ مِنْهَا بَرَاءَة ذِئْب يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك بعض من ترْجم لَهُ، كَمَا تقدم قَرِيبا فِي كَلَام التنبكتي.
كَمَا أَشَارَ هُوَ إِلَى شَيْء من الِابْتِلَاء الَّذِي أُصيب بِهِ فِي سَبِيل قَول الْحق ورد الْبَاطِل٤.

١ - سمّاه ((الِاعْتِصَام)) وَسَيَأْتِي الحَدِيث عَنهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مؤلفات الإِمَام الشاطبي.
٢ - الِاعْتِصَام (١/٣٩).
٣ - نيل الابتهاج ص (٤٧).
٤ - انْظُر الِاعْتِصَام (١/٣٥ - ٣٩).

٧ - ثَنَاء الْعلمَاء على الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي: لم تسلط


الصفحة التالية
Icon