ب - "ورُوي أَن مَرْوَان١أرسل بوابه إِلَى ابْن عَبَّاس، وَقَالَ: قل لَهُ: لَئِن كَانَ كل امْرِئ فَرح بِمَا أُوتِيَ، وَأحب أَن يحمد بِمَا لم يفعل معذبا، لنُعذبن أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مالكم ولهذه الْآيَة؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهود فَسَأَلَهُمْ عَن شَيْء فَكَتَمُوهُ إيَّاه، وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ، فأروه أَن قد استحمدوا إِلَيْهِ، بِمَا أَخْبرُوهُ عَنهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وفرحوا بِمَا أُوتُوا من كتمانهم، ثمَّ قَرَأَ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب... ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ ٢فَهَذَا السَّبَب بيَّن أَن الْمَقْصُود من الْآيَة غير مَا ظهر لمروان"٣.
ج - "ورُوي أَن عمر اسْتعْمل قدامَة بن مَظْعُون على الْبَحْرين، فَقدم الْجَارُود٤ على عمر فَقَالَ: إِن قدامَة شرب فَسَكِرَ. فَقَالَ عمر: من يشْهد على مَا تَقول؟. قَالَ الْجَارُود: أَبُو هُرَيْرَة يشْهد على مَا أَقُول. وَذكر الحَدِيث، فَقَالَ عمر: يَا قدامَة إِنِّي جالدُك. قَالَ: وَالله لَو شربت كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لَك أَن تجلدني. قَالَ عمر: وَلم؟. قَالَ: لِأَن الله يَقُول: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا

١ - مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي الْقرشِي، كَانَ ذَا شهامة وشجاعة ومكر ودهاء
(ت: ٦٥هـ -). انْظُر السّير (٣/٤٧٦).
٢ - سُورَة آل عمرَان، الْآيَة: ١٨٧ - ١٨٨. والْحَدِيث أخرجه الإِمَام البُخَارِيّ فِي صَحِيحه (٨/٢٣٣) كتاب التَّفْسِير، بَاب {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ ح (٤٥٦٨).
٣ - الموافقات (٤/١٤٩، ١٥٠)، وَانْظُر الْبُرْهَان (١/٢٧، ٢٨) ترى الْإِجَابَة عَمَّا يفِيدهُ كَلَام ابْن عَبَّاس من تَخْصِيص الْعُمُوم.
٤ - الْجَارُود بن المُعَلَّى الْعَبْدي، سيد عبد الْقَيْس، صَحَابِيّ، كَانَ صهر أبي هُرَيْرَة (ت: ٢١هـ -) وَقيل غير ذَلِك. انْظُر: الْإِصَابَة (٢/٥٠).


الصفحة التالية
Icon