أثْنَاء الْقُرْآن كَقَوْلِه: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ١، وَقَوله: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاأَرْض﴾ ٢، وَقَوله: ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ ٣ الْآيَة، وَقَوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ﴾ ٤ إِلَى آخِره، وَأَشْبَاه ذَلِك"٥.
وَقد ذكر أَبُو إِسْحَاق أَمْثِلَة كَثِيرَة أكتفي مِنْهَا بِمَا أوردت، وَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهَا فَلْينْظر كِتَابه الموافقات٦. ثمَّ قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: "وَأما الثَّانِي فَظَاهر أَيْضا، وَلَكِن الدَّلِيل على صِحَّته من نفس الْحِكَايَة وإقرارها، فَإِن الْقُرْآن سُمي فرقانا، وَهدى، وبرهانا، وبيانا، وتبيانا لكل شَيْء، وَهُوَ حجَّة على الْخلق على الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل وَالْإِطْلَاق والعموم، وَهَذَا الْمَعْنى يَأْبَى أَن يحْكى فِيهِ مَا لَيْسَ بِحَق ثمَّ لَا يُنَبه عَلَيْهِ.
وَأَيْضًا فَإِن جَمِيع مَا يحْكى فِيهِ من شرائع الأوّلين وأحكامهم، وَلم يُنَبه على إفسادهم وافترائهم فِيهِ فَهُوَ حق، يَجْعَل عُمْدَة عِنْد طَائِفَة فِي شريعتنا ويمنعه قوم، لَا من جِهَة قدح فِيهِ، وَلَكِن من جِهَة أَمر خَارج عَن ذَلِك، فقد اتَّفقُوا على أَنه حق وَصدق كشريعتنا، وَلَا يفْتَرق مَا بَينهمَا إلاّ بِحكم النّسخ فَقَط"٧.
"وَمن أَمْثِلَة هَذَا الْقسم: جَمِيع مَا حُكي عَن الْمُتَقَدِّمين من الْأُمَم السالفة
٢ - سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة: ١١٦.
٣ - سُورَة يُونُس، الْآيَة: ٦٨.
٤ - سُورَة مَرْيَم، الْآيَة: ٩٠.
٥ - انْظُر الموافقات (٤/١٥٨ - ١٦٠).
٦ - انْظُر الْمصدر نَفسه (٤/١٥٨ - ١٦٠).
٧ - الْمصدر نَفسه (٤/١٦٠).