المبحث الرَّابِع: مَعَ الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي أَقسَام الْعُلُوم المضافة إِلَى الْقُرْآن الْكَرِيم٢
قسم أَبُو إِسْحَاق الْعُلُوم المضافة إِلَى الْقُرْآن إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام، فَقَالَ:
"قسم: هُوَ كالأداة لفهمه واستخراج مَا فِيهِ من الْفَوَائِد، والمعين على معرفَة مُرَاد الله تَعَالَى مِنْهُ، كعلوم اللُّغَة الْعَرَبيَّة - الَّتِي لَا بُد مِنْهَا - وَعلم الْقرَاءَات، والناسخ والمنسوخ، وقواعد أصُول الْفِقْه، وَمَا أشبه ذَلِك"٣.
ثمَّ ذكر أَبُو إِسْحَاق أَن هَذَا الْجَانِب قد يُدخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، كَقَوْل من قَالَ: إِن علم الْهَيْئَة وَسِيلَة إِلَى فهم قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ ٤، وَقَول من قَالَ: إِن عُلُوم الفلسفة مَطْلُوبَة إِذْ لَا يُفهم الْمَقْصُود من الشَّرِيعَة إِلَّا بهَا٥.
ثمَّ رد أَبُو إِسْحَاق على قَائِل ذَلِك بقوله: "وَلَو قَالَ قَائِل إِن الْأَمر بالضد مِمَّا قَالَ لما بَعُد فِي الْمُعَارضَة. وَشَاهد مَا بَين الْخَصْمَيْنِ شَأْن السّلف الصَّالح فِي تِلْكَ الْعُلُوم، هَل كَانُوا آخذين فِيهَا، أم كَانُوا تاركين لَهَا، أَو غافلين عَنْهَا؟ مَعَ
الْقطع بتحققهم بفهم الْقُرْآن، يشْهد لَهُم بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والجم
الْغَفِير، فَلْينْظر امْرُؤ أَيْن يضع قدمه"٦.
ثمَّ ذكر أَبُو إِسْحَاق الْقسم الثَّانِي بقوله: "وَقسم هُوَ مأخوذٌ من جملَته
٢ - نقل هَذَا المبحث القاسمي فِي مُقَدّمَة تَفْسِيره. انْظُر مِنْهُ (١/٨٨) وَمَا بعْدهَا.
٣ - الموافقات (٤/١٩٨).
٤ - سُورَة ق، الْآيَة: ٦.
٥ - انْظُر الموافقات (٤/١٩٨). وَقد ذكر أَن القَوْل الأول صدر عَن الرَّازِيّ، وَالثَّانِي عَن ابْن رشد.
٦ - الْمصدر نَفسه (٤/١٩٨).