من البلاغة عند أهل البيان حسن الابتداء: وهو أن يُتأنق في أول الكلام؛ لأنه أول ما يقرع السمع، وعدّوا من الابتداء الحسن براعة الاستهلال؛ بمعنى أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلّم فيه، ويشير إلى ما سيق(١) الكلام لأجله، والعَلم الأسنّ في ذلك سورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن؛ فإنها مشتملة على جميع مقاصده(٢).
وقد أكد الزركشي أن خواتم السور مثل فواتحها في الحسن؛ لأنها آخر ما يقرع الأسماع، فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة، مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى يرتفع معه تشوف النفس إلى ما يذكر بعد(٣).
ومن جهة ثانية فإن الخاتمة لأي نص، تمثل نتيجته ونهايته، وكثيراً ما تعود على بدء النص(٤) لتذكر به، وتؤكد على ما جاء فيه، وتحقق التماسك معه(٥).
ويلفت الانتباه تركيز عدد من العلماء، على أهمية الفواتح والخواتم للكلام عموماً، وللقرآن على وجه الخصوص، لكونهما أول وآخر ما يقرع السمع؛ وبالتالي الأعمق أثراً من جهة، ثم أهمية الفواتح في الإشارة إلى موضوع الكلام وتتمة الموضوع، والخواتم في إيذانها بانتهاء الموضوع.
(٢) …السيوطي، الإتقان،( ٢/٢٣٠)، وابن عقيلة، الزيادة والإحسان في علوم القرآن، (٦/٢٨٢-٢٨٣)، رسائل جامعية، بإشراف مركز بحوث جامعة الشارقة، سلسلة النشر العلمي، رقم( ٣٨)، الشارقة، ط١، ١٤٢٧هـ - ٢٠٠٦م، بتصرف.
(٣) …الزركشي، البرهان، (١/٢٣٣).
(٤) …الأسطة، عادل، العناوين والنهايات القصصية، في مجموعة توفيق زياد القصصية"حال الدنيا"www.najah.edu-
(٥) …الفقي، صبحي إبراهيم، علم اللغة النصي،( ٢/١٢٤)، دار قباء، القاهرة، د. ط، ٢٠٠٠م.