وقد يشهد لقول ابن القيم ترتيب القصص في سورة البقرة؛ إذ تقدم الحديث عن عبادة العجل على قصة البقرة، فضلاً عن أن بني إسرائيل في قصة عبادة العجل كانوا قريبين من البحر؛ أي حديثي عهد بالخروج من مصر، بدلالة قول موسى عليه السلام للسامري: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [طه]، فيما يظهر من قصة البقرة نوع استقرار وسكن بالنسبة لبني إسرائيل، وعندهم أبقار وزروع، ما يعني أنها متأخرة نسبياً عن قصة عبادة العجل.
يتضح مما سبق أن من أبرز حِكم الأمر بذبح البقرة، إبطال عبادة العجل، التي كان عليها بنو إسرائيل، يعزز ذلك ويؤكده تحديد لونها بالصفرة الفاقعة التي تسر الناظرين، وذاك لون العجل الذهبي الذي عبدوه. ثم إن البقرة فتية قوية ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة : ٦٨]، وهي ( مدللة )، لا (مذللة)!!: ژ ٹ ٹ ٹ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة : ٧١ ]، وتلك صفات للبقرة المعبودة، حيث يبحثون عن الصفات العليا، ولا يسخرونها للعمل بل تبقى غالباً في المعبد أو في موضع تكريم.
فالغاية إخراج تقديس البقر من قلوبهم، والذي يعني تسبيح الله تعالى وتنزيهه ورفض عبادة ما سواه، عن طريق إخراج عبادة الطاغوت(١) ليدخل مكانها عبادة الله وحده ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة : ٢٥٦ ]، وهذه الآية جاءت مباشرة بعد آية الكرسي، وما فيها من الحديث عن الله تعالى الواحد الحي القيوم والذي لا يستحق العبادة سواه، بعكس البقرة التي أمروا بذبحها.

(١) …الطاغوت: مشتق من الطغيان وهو الارتفاع والغلوّ في الكبر، وهو على وزن فَعَلوت من أوزان المصادر، ثم أُزيل عنه معنى المصدر، وصار اسماً لطائفة مما فيه هذا المصدر، وجُعل عَلَماً على الكفر والأصنام، وأصله صفة بالمصدر، ويُطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، كشأن المصادر. بتصرف، عن: ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير،( ٣/ ٢٨-٢٩).


الصفحة التالية
Icon