عدم صلاحية بني إسرائيل للقيادة ولا للجندية: فقد سبق القول بأن قصة البقرة جاءت في ذروة الحديث عن فساد بني إسرائيل ونكولهم عن الأمانة ونقضهم للعهد مع الله سبحانه، وهي بذلك تؤكد أن هؤلاء القوم لم يعودوا يصلحون لأي خير؛ حتى ولو أتباعاً لأمة محمد - ﷺ -، حيث جاء التعقيب على القصة ميئساً المسلمين من إيمانهم أو طاعتهم لهم، فقد صارت قلوبهم أقسى من الحجارة : ژ ؟ ؟ ؟ ؟... ژ البقرة: ٧٥ } [ البقرة : ٧٥]، " أي ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود الذين شاهد آباؤهم من البينات ما شاهدوه ثم قست قلوبهم من بعد ذلك"(١)، وقد قرر أول السورة أن الكتاب هدى للمتقين، ولا تتأتى الهداية لقساة القلوب.
إنها سمات بني إسرائيل " تبدو واضحة في قصة البقرة هذه: انقطاع الصلة بين قلوبهم وذلك النبع الشفيف الرقراق: نبع الإيمان بالغيب والثقة بالله والاستعداد لتصديق ما يأتيهم به الرسل، ثم التلكؤ في الاستجابة، وتلمس الحجج والمعاذير والسخرية المنبعثة من صفاقة القلب وسلاطة اللسان"(٢).
وإذ قد قرر ظلمهم في غير موضع من السورة، حتى بعد زمان موسى - ﷺ -، كما سبق القول؛ فإنه يؤكد عدم جدارتهم لأن ينالهم عهد الله ببقاء الإمامة فيهم ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [البقرة].
ولقد تحدث غير واحد من القدامى والمعاصرين عن المحور الرئيس لسورة البقرة، والذي قالوه - كما سيأتي - يدور في نفس الفلك، ويتجه إلى ذات الوجهة، وإن بدا وكأنه متعدد.

(١) …ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، (١/١٥٥).
(٢) …قطب، في ظلال القرآن، ( ١/٧٧).


الصفحة التالية
Icon